بعد ولادتها لطفلها البكر وقبل أن يَحبو طفلها أسرعت الخُطى إلى أكبر جرّاح تجميل في بلدها طالبة منه شد الترهل الذي أصاب بطنها جرّاء مرورها بمرحلتي الحمل والولادة. توسّلته، إلا أنه رفض استغلال رغبتها في العودة إلى سابق جسمها والكسب المادي من ورائها، طالباً منها التريث وعدم إجراء العملية إلا بعد اكتمال عدد أفراد أسرتها وإنجاب العدد الذي تتمنى من الأبناء. "لا تصدّقي من ينصحك بإجراء هذه العملية وأنت في عمرك هذا"، هكذا قال لها. اليوم هي تحمل جميل نصيحة هذا الطبيب الشريف، ومَدينة له على إخلاصه في عمله، بل وأخذت تنصح كل شابة بهذه النصيحة التي أغنتها عن الدخول في دوّامة عمليات التجميل وخصوصاً التجارية منها، والتي تستغل رغبات الفتيات في الوصول إلى الكمال الشكلي، لزيادة الأرباح دون الاكتراث بالنتائج الوخيمة التي قد تلحق بهن. فتيات اليوم بتن متشابهات إلى حد بعيد، شفاه منتفخة، وجنات متورّمة، أنف بحد المسطرة، وأشياء أخرى لا داعي لذكرها!. إن مرّت مجازفة خوض هذه العمليات على خير وتغيّر شكلها إلى الأفضل فعليها أن تحمد ربها وتسجد له شاكرة، فهناك الكثيرات ممن وقعن في شراك أطباء يسيل لعابهم وراء الأموال والربح السريع للنقود، فلا تهمهم مصلحة المريض بقدر ما تهمهم حساباتهم البنكية، ومع ذلك هناك أطباء شرفاء وقسمهم يتردّد على أسماعهم كلما دخل عليهم مريض مراجعاً أو طالباً الاستشارة والنصح، فيكبح جماح من أصيب بلوثة تقليد المشاهير واللهاث وراء كل جديد في عالم التجميل، محاولاً ثنيه عن قرار قد تكون نتائجه أخطر مما يتوقع، خصوصاً إن كانت لمراهقين وشباب لم يصلوا بعد لسن ترميم ما أتلفه الدهر. والطامة الأكبر عندما يستغل البعض هذه "اللوثة" فيعرض تلك الخدمات التجميلية في صالونات التجميل على أيدي غير المتخصّصين، أو حتى عبر تسويق مساحيق وكريمات يدّعون كذباً نتائجها الخارقة خلال مدة وجيزة، وبسعر زهيد، ولا يُدرك البعض من النساء -أو حتى البعض من الرجال المهووسين بالجمال- حجم الجريمة التي يقترفنها في حق أنفسهن إلا بعد أن يتشوهن!، فبدلاً من التجمّل والتحوّل إلى الأفضل يُمسخن ويُصبن بمشاكل وحروق العلاج منها يستغرق وقتاً طويلاً، هذا إن لم يكن الرجوع إلى الشكل الطبيعي يصبح أمراً مستحيلاً. والمصيبة الأخرى أن كل عملية ستجر وراءها عملية أكبر وأخطر أملاً في الوصول إلى نتيجة قد تصيب وقد تخيب، متغافلين قوله تعالى: "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ" (4) سورة التين. ياسمينة: يوماً ما ستحنين إلى صورك القديمة التي كنت يوماً تكرهينها، فلا ترم نفسك إلى التهلكة