عندما يشع القمر بنوره على الكون،فإن النجوم تتوارى خجلى.وحده القمر يجذب انتباه الناس،حينما يرصع صدر السماء في الأمسيات الجميلة. لم يكن شريف مركزا على ما يدور حوله من حركات، ولا ما يقال من كلام.فقد استولت وفاء على أفكاره، ونفذت إلى أعماقه دون استئذان.وهل يستأذن الحب حين يبسط سلطانه على القلوب ؟ كان يعود إلى من حوله حين تقطع ضحكاتهم هيامه، والتهامه لوفاء بعينه. فينظر إليهم ويتصنع ضحكة،كأنه تابع ،وفهم مايقال. والحقيقة أنه لا يستمع إلى ما يتبادلونه من حديث،بل يستمع إلى دقات قلبه التي تعلو كلما بادلته وفاء نظرة خاطفة،وقد علت وجهها حمرة خجل، زادتها جمالا،وزادته اعجابا،وهياما. يالله.هل يوجد جمال كهذا؟ هل توجد امرأة تملك قوة التأثير هذه،بما حباها الله من جمال، لم يكن يصدق ما يحدث له.أحس أنه يكتشف جمال الدنيا لأول مرة. فرغم طبيعته المرحة، وحبه للحياة، إلا أن الحب لم يدق بابه من قبل.فكل عالم الحب الذي عاشه، ويعيشه هو حب أبيه الأزلي لأمه،وذكرياته معها، والتي لا تغيب عن جلستهما كل ليلة. تلمس الزهرة التي وضعها جنب الهدية التي أحضرها لوداد بمناسبة عيد ميلادها،ثم قدمها لها ،وهو يقول بصوت منخفض : – هل يمكن أن تقبلي مني هذه ؟ – ميرسي يا شريف،كلك ذوق هزه صوتها هزا خفيفا.ولكن سماعه لإسمه وهي تنطقه،جعله يكتشف كم هو جميل،رغم أنه يسمعه من الآخرين عشرات المرات في اليوم. التفت يمينا، وشمالا،فاكتشف أن لا أحد انتبه له حتى وهو يقدم لها الزهرة ،فالكل كان يكلم الكل، ويتبادل الضحكات مع الكل. حينها استجمع كامل قوته وهمس لها : -وفاء…هل يمكن أن ألقاك نهاية الأسبوع ؟ أريد التعرف عليك. نظرت إليه نظرة جعلته يحس بالقشعريرة،لكنه لم يستطع تفسيرها.لكنها طأطأت رأسها،ولم تجبه بكلمة واحدة. حينها،فكر في لعب كامل أوراقه.فحبها المفاجئ قد تمكن منه، ولم يعد باستطاعته الصبر ،وتضييع الفرصة،التي قد يندم بعدها ندما،لن يسامح عليه نفسه طيلة حياته. أخرج من جيبه ورقة،قطع منها قصاصة صغيرة،ثم كتب عليها رقمه،ووضعها أمامها خلسة عن أعين الأصدقاء.قلبتها دون حملها،ونظرت إليها طويلا،وقلبه يخفق،وجسمه يرتعش،وقد سالت قطرات من العرق على جبينه،قبل أن تطويها،وتضعها في حقيبتها اليدوية.وهي ترشق قلبه الضعيف بسهام ابتسامتها،التي لا تدع،ولا تذر. ( انها صورة أيامي على مرآة ذاتي عشت فيها بيقيني وهي قرب ووصال ثم عاشت في ظنوني وهي وهم وخيال ثم تبقى لي على مر السنين وهي لي ماض من العمر وأتي كيف انساها وقلبي لم يزل يسكن جنبي انها قصة حبي ) يتبع ….