هي جميلة،أنيقة في مظهرها،وجذابة إلى حد لا تمر فيه دون جلب الانتباه إليها.بشوشة الوجه،لا تكاد تفارق الابتسامة محياها. ومع ذلك فرغم قوة شخصيتها،ورغم مؤهلاتها العلمية، التي رشحتها لتتبوأ منصب مديرة في الشركة الكبيرة التي تعمل فيها،كانت قد خرجت لتوها من تجربة زواج فاشل.فزوجها السابق اكتشفت مع الوقت،والمعاشرة أنه ضعيف الشخصية،وعوض أن يقف إلى جانبها،ويسندها،كان يعمل عن قصد،أو غير قصد على تحطيم طموحاتها.فقد كانت الغيرة تأكله من داخله.وليته كان يغار عليها.بل الطامة الكبرى،أنه كان يغار منها،ومن نجاحها،وتسلقها المراتب في وظيفتها بكل اقتدار.جالبة أنظار مسؤوليها الذين أصبحوا يكنون لها الاحترام،ويكيلون لها المديح،ويضربون بها المثل أمام زملائها في الإخلاص،والتفاني في عملها.ولم تكن هذه الحركية التي تطبع حياتها،وتعاملها مع محيطها،لتمر دون أن تجلب نظر عماد مسؤولها المباشر في العمل،والذي يحتم عليه منصبه الاحتكاك بها على مدار ساعات تواجدهما في الشركة . كان معجبا بها،وبشخصيتها.بل أصبح مع الأيام يبحث عن أي سبب مهما كان بسيطا،لاستدعائها إلى مكتبه،أو الانتقال بنفسه إلى مكتبها،لمناقشتها،ومراجعة بعض الحسابات معها. الحب عاطفة سامية،تعيد الابتسامة إلى الوجوه المرهقة،وتبعث النبض في القلوب المتعبة.هو ذلك الشعور الذي لا يستأذن أحدا،ولا يدق على باب أحد.بل ينتظر دائما الأرضية الصالحة،لينمو في صمت،ولا يفيق الإنسان إلا وقد أزهر،وحول الصحراء القاحلة التي في داخله،إلى جنة وارفة،وربيع دائم. هكذا تحول الاعجاب المتبادل بين مريم ،وعماد،إلى حب جارف لم ينتبها له إلا حين أحكم على قلبيهما قبضته.ولكنه كان حبا صامتا،يحاول كل منهما مواراته ،وإخفاءه عن الآخر،لولا نظراته الزائغة،ورعشة يديه الفاضحة،التي تبوح بما عجز اللسان عن البوح به. لكن المشكلة التي كانت تؤرق كليهما،وتخرس لسانيهما.فلا يترجمان ما يختلج في الفؤاد،هي وضعية عماد الأسرية.فهو متزوج،ورب أسرة،وعادة ما تزوره إبنته البكر مع خطيبها لأمر ما. لهذا اكتفيا بحب صامت،رفض البوح بكامل أسراره. وكان ذلك اليوم الذي هز كيانها.مازالت تذكر تاريخه بالتحديد،22 مارس ، حين دخلت الشركة،ورأت من بعيد عماد يحاول التواري عنها.توقفت قليلا ،ثم دخلت مكتبها لتكتشف علي الطاولة رسالة ربطت عليها زهرة.فتحت بسرعة،وبيدين مرتعشتين لتقرأ: صباحك سعيد مريم لن أقول حبيبتي،فالأحباب قد يفترقون. لن أقول صديقتي،فالأصدقاء قد يتنازعون. لن أقول رفيقتي،لأن الطريق قد ينتهي بنا يوما ما. بل سأقول روحي.لأن الروح لا تفارق الجسد إلا لحظة الموت. وهي تحاول فتح زر قميصها لتتنفس، لم تقو قدماها على حملها،فتهاوت بكل ثقلها على الكرسي. ( كنت زمان بلاقيك بحناني .. بحر محبة و بر أمان كنت باحس ان انت زماني .. يومي و بكرة و بعده كمان كنت باشوفك بعيون حبي .. و انت بعيد أو و انت بقربي أقرب من بسمتي لشفايفي .. أقرب من إحساسي لقلبي ) يتبع..