فاروق صالح باسلامة في الثقافة الادبية تختلف الآراء عند الادباء في معنى الادب، تعريفه، ومفهومه، وما الى ذلك، فحين كان تعريفه في ما مضى من المأدبة ثم التأديب اي تعليم ابناء الملوك والسلاطين حتى عصرنا الذي يأتي معنى الادب من خلاله التعبير الجميل عن المعنى النبيل والاخذ من كل علم بطرف. وجميع ذلك معاني متقاربة في البيان واللغة لمعنى الادب ومفهومه، في الفكر الثقافي المعاصر، لان الادب كون من الاكوان المعنوية وقيمة متعددة المعاني والمفاهيم، ومعانيه مختلفة. ومن خلال رؤيته لمعنى الادب الفكري والموضوعي يعقب الاستاذ محمد احمد محجوب الاديب السوداني المعروف على منحاضرة لزميل وصديق له اديب من السودان بعنوان: (متى ينهض الادب؟) ويقول له كان الاجدر ان يكون عنوان المحاضرة (كيف ينهض الادب؟) واورد في ثنايا هذا القول مفهومه للادب لانه ميال الى عدم استقصاء معناه في معاجم اللغة لغتنا العربية وكيف اشتقت لفظته وما الذي اكسبه الاستعمال من معان لم توضع لها اصلا لاني لا ارى – القول للمحجوب – وراء هذا العناء كبير فائدة. وحسبي ان اقول ان الادب تصوير لخلجات النفوس وافصاح عن ادق الخفايا النفسية وتجسيد للآلام التي تشكوها الانسانية والامال التي ترجوها وهو اشبه بصورة زيتية احكم وضعها وحددت اجزاؤها ويستطرد المحجوب حديثه قائلا: تمثل شعبا بجملته وبكل ما فيه من سمو وانحطاط وحركة وجمود. وفوق هذا تشف عما يصير اليه.. وفي مقولة اخرى يعرف الاديب السوداني الادب بقوله: الادب ما لامس الحياة واشتق منها.. وهو حصاد تجارب الانسانية والحاضر وتتبلور هذه التجارب في اعمال الادباء المبدعين وفي واقع الادب اليوم – في الفترة المعاشة له في بعض عقود القرن العشرين الماضي يتحدث المحجوب ان الناظر في ادب الشرق في الوقت الحاضر يراه مجموع سبحات في عالم الخيال واخرى في الروحانيات فكان الادب الشرقي طافحاً بالخيال مستجلياً لصور الحياة منتقدا للواقع الثقافي الذي حار كتابه ما يكتبون وفيما يؤلفون؟ وكأن الحياة قد خلت من الحركة والمجتمع مات لبه وتقاعس افراده والناس غير الناس. إن الادب هو انساني النزعة يعبر عن الحياة البشرية وحركة الانسان فيها ونشاطه وسلوكه.. هذا مقصوده من رأيه في الادب ومفهومه لمعناه في الحياة التي وصلها محجوب بأدب الواقع والذي يتشرف كل اديب بالتعبير عن ذلك لا بالخيال الوهمي والرؤى بل الرؤية الواقعية وكما قيل الادب للحياة لا للفن.. وقد يصح احايين الفن للفن!! ولان الحياة – كما يقول اديبنا – ذات مدلول واسع متشابك متعدد تعدد الوان الحياة وتداخلها في بعضها البعض ولقد عجز العارفون والباحثون عن تحديدها على الوجه الاكمل وحتى العلماء انفسهم يقولون عن الحياة انها شيء لا يمكن تحديده. فهي تضيق حتى تكاد لا تشمل شيئا وتتسع حتى تشمل كل ما في الوجود من كائنات ولهذه الحيثيات التي بسطها الاديب اديبنا السوداني كان الادب في نظره هو ادب الحياة وادب الدنيا وادب الوجود بما في ذلك قيم الحياة الادبية والدينية والفكرية التي تنتسب الى ادب الحياة بكبير من النسب القريبة والبعيدة والفردية والجماعية والمادية والمعنوية والعلمية والعملية في احسن حياة اولى واخرى ماض وحاضر ومستقبل. هذا والمرجح كتاب: نحو الغد لمحمد احمد المحجوب نشر قسم التأليف والنشر – جامعة الخرطوط طبعة 1 سنة 1970م.