أكدت الدكتورة أميرة علي الزهراني ، أستاذ مشارك «السرديات المعاصرة» بجامعة الأمير سلطان ، على جماليات النكتة السعودية , وتصاعد منسوبها خلال الفترة الأخيرة , معيدة سبب ذلك إلى زيادة الوعي , وارتفاع سقف الحرية في التعبير ، موضحة أن النكتة أصبحت واحدة من أشكال مقابلة وقضايا المجتمع ومنغصات الحياة . جاء ذلك في الأمسية الأدبية الثقافية التي أقامها الصالون الثقافي النسائي , بنادي جدة الأدبي بعنوان «صناعة النكتة السعودية»، .. مقاربة أسلوبية نقدية من منظور نفسي واجتماعي، فيما ادارت الامسية الكاتبة نبيلة محجوب. تقول د , أميرة الزهراني كملخص لمحاضرتها الممتعة والقيمة .. إنه انطلاقاً من الأسئلة الإشكالية : لماذا عندما نريد أن نلقي نكتة ، نبدأ دائماً بالسؤال المحفِّز: سمعتم آخر نكتة ؟ .. فهل هذا يعني أن للنكتة مدة صلاحية محددة ؟ .. وهل مازلنا نتكئ في رواج النكتة على السماع ؟ .. لكن ماذا تعني النكتة بالأساس؟ .. ولماذا نسعد بتلقي النكتة على الرغم من أنها غالباً ما تنبش ألماً مكبوتاً… ومضت الدكتورة أميرة الزهراني، الأستاذ المشارك (السرديات المعاصرة) بجامعة الأمير سلطان، في محاضرتها بالصالون الثقافي النسائي بأدبي جدة، مساء (24 صفر/ 1437 الموافق 6 ديسمبر/2015) عن "صناعة النكتة السعودية" حيث تصاعد منسوبها في الفترة الأخيرة على نحو يفوق التصور . مضت تقول : إلا أن ذلك يعزو، في كثير من جوانبه، إلى ارتفاع سقف الحرية في التعبير عن الرأي، وزيادة الوعي … فضلاَ عن استحواذ وسائل التواصل الاجتماعي التي لعبت دور المحور في التحفيز لهذا النوع من الصناعة المحلية، الذي يجسد الهموم والإحباطات وحس الدعابة، بعد أن كان المجتمع يستوردها من الخارج لسنين طويلة. كما أشارت الدكتورة الزهراني .. إلى صناعة النكتة ك " نص " ، وليس التهريج، ممارسة صعبة وخطيرة، ليست من السهولة بمكان، فالشخص قد يبدو في مقدوره تأليف عشرات الكتب، لكنه لا يقدر على تأليف نكتة واحدة من سطر أو سطرين ؟ !! من ناحية أخرى؛ ناقشت الدكتورة أميرة .. مدى تحقيق "نص" النكتة لنظرية الاتصال عن رومان ياكبسون، بوظائفها المتعددة، إلا أن النكتة وعلى خلاف النصوص الأدبية الأخرى، تحظى بموت للمؤلف" وبامتياز، فنحن في كل الأحوال لا نعرف ولا نحرص على معرفة منشئ النكتة أصلاً… وهي مسألة تخضع في الغالب، إلى رغبة المؤلف في الانفلات من قبضة الأعراف والقانون والدين.. وهذا العامل هو واحد من عوامل كثيرة شكلت سبباً في حدوث جاذبية للنكتة، بشكل عام ، يمكن حصرها في العوامل التالية: -النكتة تعبير رمزي مكثف لفهم المجتمعات وتوجهات الرأي العام – موغلة في المحلية والخصوصية مما يعزز شراكة المجتمع الواحد في الشعور بوحدة الهموم والقضايا والتطلعات. – سرعة انتشارها ورواجها لا سيما مع توافر وسائل تقنية الاتصالات الحديثة. – شكل فاعل لمجابهة الإحباطات.. كما اوضحت الدكتورة الزهراني .. إلى ان أشهر الآليات التي تنهض عليها صناعة نص «النكتة» تكون باستثمار حدث والتعليق عليه، المفارقة، التهكم من السذاجة أو الغباء، السخرية المريرة من الواقع غير المتصالح معه، الإجابة عن سؤال بطريقة خارجة عن المألوف، تقديم النصيحة أو الحكمة المعلومة أو التعليق على مقولة أو نظرية شائعة، بطريقة ساخرة… لافتة النظر إلى أن السعوديين اعتمدوا، في الغالب، في صناعة نكتهم من خلال آليتي: استثمار حدث والتعليق عليه، و المفارقة. وختمت الدكتورة أميرة الزهراني محاضرتها بالمبحث الذي تناوله فرويد في مناقشاته "النكتة" من وجهة نظر نفسية، بوصفها مخرج لما هو مكبوت في اللاشعور إلى جانب الأحلام وزلات اللسان، فالنكتة ظاهرة صحية، تعد بمثابة الآلية النفسية الدفاعية التي تنهض لمواجهة العالم الخارجي المهدد للذات.