تثير قضية العلاقة بين الاقليمية الجديدة من ناحية التعاون الاقتصاد العالمي (الاندماج العالمي الاقتصادي) من ناحية اخرى، اهتماماً متزايداً في السنوات الاخيرة فقد ادى تطور انماط جديدة من التكامل الاقليمي في اثارة التساؤل حول مستقبل التعاون الاقتصاد الدولي. لقد اعتمدت الاقليمية الجديدة كما جسدتها تجارب التكامل الاقليمي قبل انتهاء الحرب الباردة وعلى رأسها المجموعة الاوروبية على تحقيق التكامل الاقتصادي من خلال التركيز على تنمية التجارة البينية في الاطار الاقليمي بشكل جاء على حساب تنمية العلاقات الاقتصادية العلمية، وعلى حساب فرص الاندماج في الاقتصاد العالمي والالتزام الكامل بما جاء في اتفاقيات (الجات) التي تحترم التميز. لكن التعاون الاقليمي الجديد يفتح امتيازات للدول الاعضاء في الاتحاد الجمركي او منطقة التجارة الحرة لا تتمتع بها الاطراف الخارجية وهو ما يتعارض مع مبادئ (الجات) التي تنص على الغاء الحواجز الزمانية والمكانية في تحرير التجارة الدولية كذلك اتسمت الاقليمية الجديدة، كما جسدتها تلك التجارب، ببعض السمات الاخرى مثل الدور الرئيسي للحكومات والمؤسسات الرسمية في دفع عملية التكامل الاقتصادي وهو ما يتعارض ايضا مع مفهوم آليات السوق. لذلك جاء بيان الرياض ليضع مبدأ تدعيم العلاقات العربية مع امريكا اللاتينية في مقدمة الاولويات، حيث توجهت نحو تنشئة العلاقات مع الدول ومجموعة قارية لاستكشاف واستغلال الفرص وامكانات الكبيرة لتحقيق المصالح الاقتصادية من خلال وسائل عديدة منها تشجيع الصادرات والاستثمارات. لذلك جاء اللقاء العربي – اللاتيني في الرياض ليؤكد حرص امريكا اللاتينية على التحرك الواعي والفاعل والذي يعد نموذجا جديدا من نوعه بين الدول العربية والجنوب الامريكي لاقامة علاقة مشاركة استراتيجية فيما بينها لتحقيق السلام والتنمية والعدالة وانشاء آليات للتعاون بين دول المجموعات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن هذا المنطلق ان نجاح لقاء الرياض جاء باهراً وتجلى هذا النجاح في تأكيد المجموعتين على تمسكها بنظام تجاري متعدد الاطراف مفتوح ومتصنف، ودعوا الى استمرار الجهود لازالة الفوارق بين الاغنياء والفقراء، واوضحوا اهمية التجارة البينية بين دول المجموعتين. فمن منظور المصلحة العربية كان الهدف هو دفع عملية التنمية الاقتصادية في العالم العربي لتعزيز الدور العربي السياسي بقدرة اقتصادية الا ان الاهم من ذلك كله ان تتعرف شعوب المجموعتين على بعضهما وهذا الاتصال الانساني سيؤدي مع مرور الايام الى اكتشاف مناطق جديدة للتعارف بين هذه الشعوب الى جانب مجالات التعاون التجاري المختلفة. لذلك تضمن بيان الرياض قرارات هامة تترجم احلام شعوب المجموعتين وطموحاتهما وآمالهما في صنع مستقبل جديد بالاندماج في حركة المتغيرات العالمية والتعامل معها مع الحفاظ على موروثاتها الروحية والانسانية. لذلك فبيان الرياض يعكس رؤية المجموعتين العربية واللاتينية لمختلف قضايا التعاون بينهما. لذلك سوف تكشف الايام ان قمة الرياض الاخيرة للمجموعتين (العربية – اللاتينية) هي الحدث الأكثر اهمية في كل ما شهدته الساحتان بينهما من اجل الصمود الكبير للقضايا الاقتصادية واعتبارها احدى العلامات المحددة للهوية السياسية بمعنى آخر انها قمة التوازن وضبط الايقاع، اي انه ميثاق جديد للعمل بين المجموعتين العربية واللاتينية نظرا لما تميز به البيان من موضوعية في معالجة القضايا التعاونية. خلاصة القول فان المغزى الاساسي للقاء الرياض هو الا تظل العلاقات العربية مغلقة على دائرة واحدة او دائرتين لان تنوع العلات سيؤدي الى الفرص الواعدة في المستقبل كالمواد الخام والاسواق والاستثمارات.