لطالما غِرت من الذُّكور كما يغار الطِّفل من أخيه الجديد الذّي يحصل على كل ما يريد بدون عناء وأحياناً يكلِّفه ذلك صرخة مزعجة فتأتيه النِّعم من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب. لا أطلب الكثير ولا أطمع بِلبَن العصفور، كل ما أرته يوماً هو ما يحصل عليه أخي بدون أن يطلب. ومازلت أشعر بالظُّلم الشَّديد ومازلت لا أفهم لماذا يحق لإنسان مالا يحق لإنسان مثله، لماذا يُعطى وأُحرم، مالذي يؤهله للمعاملة الإنسانية بينما أنا لا أتأهَّل، وهل بوسعي فعل أي شيء لأتأهل مثله؟ أجيبوني ولن أدَّخر جهدا، أعدكم.. فقط أردت أن ألعب في الشّارع بحريّة كما لعِب أمامي مراراً وتكراراً وأنا أسترقّ النَّظر من ركن النَّافذة حتى لا يراني أحد. أردت أن أُجرِّب درَّاجته.. أن أُجرِّبها لمرة واحدة ولم أنوي حينها أن أتجرأ فأطلب مثلها. أريد أن أختار فارس أحلامي كما اختار هو ولم يغضب منه أحد! لماذا اختار تخصُّصه وقرّر أين يعمل بدون تدخُّلات، وأنا تدخّل في اختياري كل من هبّ ودبّ حتى ذهب اختياري في مهب الريح وحلّ محلّه اختيارهم كلهم سواي، حتى صديقاتي اختاروهم لي وأمروني بالصّد عمّن سواهن. ابتُعِث أخي وعاد، وأنا لم أجد مِحْرم فَقَبَعْتْ. أريد أن أسافر متى شئت فأنا بالغة مثله. أريد أن أخرج متى شئت لأستنشق الهواء مثله. أريد أن أكون رَجُلاً فألبس كما شئت وأقود سيارتي أينما شئت وأصلي بدون حجاب وأتزوج مثنى وثلاث ورباع. لم أختر أن أكون أنثى، ولا أريد أن أكونها بما يأتي معها من مشقَّات، لا أريد أن أَحْمَل وأضع حملي وهناً على وهن ليحمِل أطفالي اسم والدهم وجِنسيَّته ولا يحمل اسمي أو جنسيَّتي أحد منهم. لا أريد أن أضع مساحيق التَّجميل حتى أكون أنثى طبيعية ويرقى جمالي لجمال من تضعنها، ولا أريد شعرا طويلاً يرهقني غسله ومشطه وتسريحه، ولا أريد نتف شعر جسدي، لماذا لا ينتف هو شعره ويتألم مثلي! أكره لبس الكعب العالي وأضطر له في المناسبات حتى أرقى لمعايير الأنوثة. لا أنتهي من الإهتمام بنفسي، فمن شعر رأسي انتقل لشعر جسدي ومن هناك لزينة وجهي ومن وجهي لأظافري ثم تنعيم أقدامي بينما هو لا يقوم بشيء سوى زيارة الحلاّق مرة في الشهر! وبعد ذلك كله قد يتزوَّج بأخرى وليس بحاجة عذر.. له كل المتاع ولي كل الشّقاء، له ميراث ولي نصف ميراث، له شهادة ولي نصف شهادة، لي عدة وليس له أن يعتدّ، له كل الحياة ولي نصف حياة.. فهل تبادلني الأدوار أيُّها الرَّجُل؟ @tamadoralyami [email protected]