لا تتباكوا على انخفاض أسعار النفط.. ولا تتشاكوا من عجزٍ قط.. واعتبروا بالحاضر والماضي.. بلا استثناء أو تغاضي.. أما الحاضر.. فهاكم سويسرا وهولندا وسنغافورا.. أمم تتسابق بالعلم وتتبارى.. لم تنتظر ثروةً طبيعية.. ولا مداخيل نفطٍ مالية.. وإنما أعملت العقل.. واستثمرت في العلم والتقنية.. وفازت بالجهد والإتقان والإنجاز.. وها هي سنغافورا بعد المستنقعات تُنشيء للصين كلّياتٍ للقيادات.. وأما الماضي القريب فانظروا إلى أنفسكم .. وماذا بالحكمة والشجاعة فعلتم.. لقد أسس أجدادكم هذا الكيان.. من عدم .. إلا من الإيمان والشجاعة والشَّمم.. وبها طور الآباء المكان.. وعظموا البنيان .. وثقفوا الإنسان.. ومن شتات قبائل تتقاتل.. تحولوا إلى مجتمعٍ متماسك متفائل.. فأصبحت لكم دولة .. لها في العالم شأن وصولة.. وبعد ثلاثة عقودٍ تقريباً.. شاركت هذه الدولة في تأسيس الجامعة العربية وهيئة الأممالمتحدة.. ويا له من إنجازٍ.. لإنسانِ إعجاز.. خلال ثلاثين عاماً فقط.. استطاع عبدالعزيز بن عبدالرحمن "يرحمه الله" أن يوحد القبائل .. ويوطن البادية.. ويوطّد الأمن للمواطن والحاج والمعتمر.. وينشيء وزارات للمال والخارجية والدفاع والصحة والداخلية.. ثم ينشيء حكومةً من مجلس وزراء متكامل.. ويؤسس للبلاد مكانة عربية وعالمية.. كل هذا قبل أن تتدفق الأموال الطائلة من دخل النفط على هذه البلاد.. ولكنها تنعم بحكمة قيادة.. ولا تنسوا أن هناك بلادا أنعم الله عليها بالنفط والماء والحضارة.. كانت قبلكم .. فسبقتموها.. ولم ينفعها نفطها ولا ماؤها ولا سالف حضارتها.. وإذا كان انخفاض أسعار النفط مشكلة فلنحوّل المشكلة إلى حل.. وربما تكون نعمة!!؟ تجعلنا نسرع في إيجاد البدائل.. وأول _وأهم_ البدائل إعمال العقل.. والتفكير الجاد .. ونفض غبار الكسل والاسترخاء.. والبدء الفوري بتفعيل مشروع الاقتصاد المعرفي.. أيها السعوديون الكرام.. انزعوا الخوف من هبوط أسعار النفط.. فالنفط سلعة ترتفع وتهبط.. حسب العرض والطلب.. واهتموا بتحويل المشكلة إلى حل.. والنقمةِ إلى نعمة.. ارتقوا بمستوى العلم والتعليم.. وحوّلوا جامعاتكم إلى مراكز بحوث ودراسات.. وطوّروا عِلم الإدارة والقيادات واشغلوا الشباب بما يفيد من الهوايات والمهارات.. اشحذوا الهمم وعززوا القدرات.. وأحسنوا استثمار النعم والمقدرات.. كفّوا عن اللغوِ والمهاترات والتقليدِ والنقلِ والتّبعيات.. واحذروا المشككين والمغريات.. تمسكوا واعتزوا بإسلامكم.. وافتخروا بعروبتكم.. وتباهوا بما حقّقت سعوديّتكم.. وتوكلوا على الله.. وتذكروا أنه _جل وعلا_ غيورٌ على نعمه.. هداني الله وإياكم إلى ما فيه خير البلاد والعباد.