تحت تساقط الثلوج ولفحات البرد القارس اصدر الروائي اللبناني راوي حاج روايته الثانية «صرصار» والصادرة عن دار هاميش هاملتونفي في بريطانيا ويقول حاج في مقدمة روايته يقول :مدينة مونتريال بولاية كندا شمال أميركا، المدينة القاسية بأجوائها الباردة والعواصف الثلجية، وداخل غرفة بالية وقديمة ضمن بناية متهرئة وبائسة يسكن الراوي وهو غير معرف باسم معين نصف بشري ونصفه الآخر حشرة "صرصار" كما يدعي وانه ينتمي إلى عالم سفلي حقير، هذا الراوي يغرق في يم حب شوهرة وهي امرأة من طراز خاص تتمتع بجمال جذاب وروح قوية ومتمردة، مهاجرة إيرانية تركت بلادها في ظل الثورة الإيرانية، بعدما تعرضت للاعتقال نتيجة مشاركتها في التظاهرات الطلابية وتبقى في السجن ثلاث سنوات تعذب وتغتصب على يد رجل متنفذ في النظام الإيراني يدعى رشيد، ولم تكن شوهرة وحدها من هاجر إلى كندا. ومن خلال هذه الرواية استطاع راوي حاج أن يخلق عالماً غرائبياً ممتلئاً بالأحداث والشخصيات في الحاضر والماضي عبر تقانة الاسترجاع ويختار شخوصه بعناية واستطاع أن يشرحهم ويتعمق في كشف أعماقهم. شخصيات ليست مناضلة ولا بطلة بل شخصيات مهمشة وضعيفة.. ينشئ علاقات بين شخصية البطل الصرصار وبقية الشخصيات علاقة قوية... أولها مع شوهرة وثانيها مع المعالجة النفسية التي تستمع لاعترافاته بقصص عن القاع فيتلاعب بأعصابها ويجعلها مهووسة به وبقصصه يتحدث بطريقة سحرية عما يدور في هذا العالم الذي يعتقد انه سينتهي ويحترق ولا يبقى سوى الصراصير هي التي ستحكم بعد أن تقوم الدينونة. كما اختار حاج شخصية روائية فاقت حدود التصور وجعلها بطل الرواية وراويها، تتمحور حوله جميع شخصيات الرواية وترتبط به بعلاقة يحركها ويتفاعل معها بطريقته الغريبة الساحرة فهو يستغلهم ويحتال عليهم ويسرقهم وفي الوقت نفسه كان واضحاً وحقيقياً ومبتذلاً، وخصوصاً مع النساء، حيث المعالجة النفسية جنيفيف كان يقص عليها الأكاذيب لمجرد أن يستغل طيبتها ويبقى خارج المشفى، وسيلفي وصديقاتها يستغلهن ويسرق حقائبهن، وابنة صاحب المطعم سحر يتجسس عليها وجارته ماري يحضر حفلاتها من أجل الطعام والشراب، وزوجة الناطور يشاركها سرقة المرأة العجوز،وصديقة أخته يستغلها من أجل السرقة. ومن جهة اخري تحدث راوي حاج حول اخترت الصرصار ليتقمص بطل الرواية حيث يقول: الصرصار مثل شخصيتي لا حدود له. هو كحشرة لديه جوانح, ولا يستطيع أن يطير ويبقى على الأرض, هذا التناقض جعلني اختار الصرصار شخصية اساسية في روايتي. رأيت صرصاراً مرة يمشي على الأرض ففكرت لماذا لا اخترع شخصية مبنية على الصرصار. وهو الذي يدخل الى البيوت دون استئذان, اخترعت شخصية لا تؤمن بأي حدود, واستعملته لأتكلم عن وضع المغترب وعن امور كثيرة أخرى. ويذكر أن راوي حاج روائي لبناني كندي هاجر إلى أميركا منذ عام 1982 وحاز على جائزة عن روايته الأولى "مصائر الغبار" وهو مصور محترف وله أعمال في معارض دولية عدة وتعد روايته هذه ضمن أفضل 10 كتب وقد رشحت إلى جوائز مرموقة