هكذا هي الحياة إقبال وإدبار.. ونحن فيها بين مستقبل ومودع.. لكن الوداع بكل مراراته يكون أكثر مرارة وحرقة عندما يكون المفقود يمثل كل القيمة عند الفاقد له. عندها يأتي الاحساس به طافحاً وباكياً حزناً.. متقطع الأنفاس حرقة لاهثاً في شجوه طافحاً في شكواه.. دامعاً في وداعه.. هكذا هو من فقد من أرضعته من حنانها قبل لبنها ومن سقته من عاطفتها بل أن تعلمه كيفية الصبر. إنها الأم بكل أطيافها.. لهذا اتت هذه المشاعر الدفاقة تصويراً لحالته.
تبكيكِ روحي قبل أشعاري و مشاعري تبكي و أفكاري و بَنوكِ و الأحفادُ ، وارتجفتْ جَنَباتُها .. وا لوعةَ الدارِ يا من سكبْتِ الحبّ في خَلَدي حتى ارتوَى من نَهرِكِ الجاري لولا حنانُكِ ما شدا وَتَري أو أدهشتْ باللون أزهاري لولاكِ ما أحببتُ سيّدتي وطني ، وأحبابي ، و أشعاري يا عذبةَ الألفاظِ منكِ جَرتْ كلُّ الحروفِ تضيءُ إبْصاري وسَمتْ عواطفُكِ التي صَمَدتْ لِهُمومِ أحداثٍ و أسفارِ حتى ملأتِ شعورَنا ألقاً فتكلّلَ المهزومُ بالغارِ يا منبع الحبّ الذي انتشرتْ من دَفقِهِ أعدادُ أنْهارِ فَنَمتْ رياضٌ بالهوى أَمَداً وتمايلتْ من شدو أطيارِ كمْ ضمّ صدرُكِ لوعَتي وَلِهاً فسَموْتُ أفْقاً بَعد إعثارِ طفلاً ، صبياً ، بالغاً ، رجلاً تَحمي وَلِيدَكِ شَرَّ أخطارِ فَكذا عَطاؤكِ سابغٌ عَجِلٌ مُتتابعُ الإغداقِ كَرّارِ ولقد شهدتُكِ صلبةً قرأتْ كُنهَ الحياة بعين بصّارِ كيف انقضى بك ميّتاً عجِلاً ذاك التوهُجُ موتَ إعصارِ؟ فَغَدتْ لكِ الأشياءُ صامتةً خُرساً بإفرادٍ وسُمّارِ ما عاد شيءٌ مُحزناً نكِداً أو مُفرحاً يحظى بإبهارِ أمي و كيف أقولُ يا أمي رحلَتْ ومَا حفِلَتْ بإنذارِ؟ أمي و كيف أقول يا أمي صَمَتتْ و جفّ مَعينُها السّاري؟ أمي و كيف أعيشُ يا أمي في اليمّ بحَّاراً بلا صاري؟ أأقولُ قد ذهبتْ و ما نَبِستْ فَعَلا حزيناً صوتُ تَذْكاري؟ آثرتُ مُكثِيَ قُربَ سيّدتي فَاقْتادَني رِزقي لإبحاري أسفي لأنَّ الوقتَ داهَمَني فازْدَدتُ عن بِرّي بِأعذاري وا حسرةَ الوقتِ الذي ذَهَبتْ ساعاتُهُ في جَمعِ أصفارِ يا جذوةً سكنتْ بلا لَهَبٍ من قَبلُ أذكتْ نارَ إصْراري فَرَضعْتُ منكِ الحبّ ، وانْطَلقتْ فِيَّ الحياةُ ، و خُضْتُ أقداري أنا من فُروعِكِ ذابلٌ وَلِهٌ يُتْمي بفَقْدِكِ فاقَ تَصْباري الدّفءُ غادر ، والُضياءُ ذَوَى و تَصحَّرتْ رَوضاتُ أشجاري