ترقب لم يسبق له مثيل للانتخابات السودانية التي من المقرر إجراؤها في الثالث عشر من أبريل الحالي لاختيار رئيس الجمهورية وأعضاء المجلس الوطني (القومي) والمجالس التشريعية الولائية في 18 ولاية. الكل في السودان يضع يده على قلبه ليمر الحدث بسلام بعد الاستقطاب الحاد والتصريحات النارية والشد والجذب بين المؤيدين والمعارضين والتهديد بتعطيلها والإصرار على تنفيذها كحق دستوري هذا إذا ما قلنا أن عدد الأحزاب المسجلة بلغ حتى أبريل الحالي 88 حزباً فيما يتنافس في الانتخابات 44 حزباً. وزير العدل السوداني محمد بشارة دوسة شدد على أن تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية أمر مستبعد وغير وارد من الناحية القانونية واعتبر من يقاطع الانتخابات بأنه يقوم بإجراء غير شرعي بحرمان المواطن من حقه الدستوري المكفول بالقانون. والواقع أن هذه الانتخابات والمقررة سلفاً في هذا التوقيت قد دخلت حيز النزاع والصراع المحتدم بين الحكومة والمعارضة بشقيها السلمي والعسكري بانطلاق حملة (أرحل) واختطاف صناديق الاقتراع المرسلة لولاية جنوب كردفان التي تتمركز في بعض أجزائها قوات الحركة الشعبية قطاع الشمال التي تسعى لاسقاط الحكومة بالقوة معلنة تنسيقها مع المعارضة لتعطيل الانتخابات. المفوضية القومية للانتخابات أكدت أن عدد المسجلين بلغ أكثر من 13 مليوناً في 1197 دائرة وبلغ عدد المرشحين لكافة الدوائر بما فيها رئاسة الجمهورية 3323 مرشحاً من الأحزاب والمستقلين كما أكدت أنه تم قبول استمارات ترشيح 18 لرئاسة الجمهورية وتم اعتماد 15 منهم لخوض انتخابات الرئاسة ورفض ترشح ثلاثة لعدم استيفائهم لشروط الترشيح ولكن مع نهاية الفترة القانونية المحددة للترشح أعلنت المفوضية قبولها طلبات تسعة مرشحين للرئاسة بينهم البشير كما أعلنت عن انسحاب 102 من مرشحي الدوائر القومية و276 مرشحاً من الولائية فيما أعلن مسؤول السجل واللجان الفنية بالمفوضية الهادي محمد أحمد أن السجل الخارجي لعدد الناخبين يشمل 105 آلاف ناخب كما أهلت المفوضية أكثر من 60 ألف موظف لإدارة العملية الانتخابية. وكانت الشرطة قد دربت الآلاف في كل الولايات لتأمين الانتخابات وتم وضع أكثر من 75 ألف شرطي لمواجهة كافة الاحتمالات بينما قال بروفيسور مختار الأصم رئيس مفوضية الانتخابات في مؤتمر صحفي إن 7 دوائر جغرافية من أصل 24 في ولاية جنوب كردفان التي تشهد نزاعاً مسلحاً لن تُجرى فيها انتخابات لأسباب أمنية. يبدو أن الانتخابات السودانية أصبحت هدفاً للمزايدات والمكايدات السياسية في وطن لا يحتمل أي عبث بأمنه واستقراره في ظل الظروف والتحديات المحيطة به من كل جانب وعلى الجميع إدراك أن الأمن خط أحمر وأن التهديد ورفع السلاح وتحقيق المطالب بالقوة أضاع دولاً كثيرة وعلى العاقل أن يتعظ بغيره. ليت أحزاب المعارضة تهتدي إلى أن تعطيل الانتخابات سيخلق فراغاً دستورياً يفضي إلى فوضى واختلالات أمنية لا تحمد عقباها وينسف كل محاولة للتداول السلمي للسلطة.