رائحة الحروف في عمري بدأت تفوح مع أول قصيدة كتبتها,لا زلت اذكرها جيدا,تعهدنا والدي منذ الصغر بمكتبة أدبية فاخرة,حتى إني اذكر أن مكتبة والدي كانت تجمع نفائس الكتب النادرة ولربما أنها من أندر الكتب. اختارها والدي بشكل مقنن,من كل علم قطرة,كتب والدي كانت متنوعة من جميع الأنواع والمجالات,واقسم إنني عندما ازور اكبر المكتبات أجد هذه الكتب في صفوف الكتب النادرة. كان وقتي مع مكتبة والدي وقت بطعم السكر في حينها. كم من معلقةٍ قرأت وكم من شاعر درست,تنقلت هنا وهناك,بين الأدب الجاهلي وبين دهاليز الشعر والروايات. كان يربطني بها عشق غريب ووقت خلوة خاص,لااعلم هل كان والدي يتعمد وجودها لنمر بها. لقد كانت مرجع مهم لي حتى إنني قبل أن ابدأ الكتابة لابد أن أتغذى منها,كنت إنا أكثر من يحفظ أركان هذه المكتبة ولاانسي إنني كنت اختلس منها بعض الكتب وأزمجر عند ملاحظته الصارمة في إعادة الكتب إلى مكانها. تلك المكتبة كنت أزورها دوما حتى بعد انتقالي من بيت والدي,كنت اقرأها في كل زيارة وكأني اقرأها من جديد. قبل سنة تخلى والدي عن مكتبته الرائعة,لااعلم لماذا ماهو السر, ربما لأنه لم يعد يجدها مبعثرة بعدي كالعادة,تبرع والدي بجميع الكتب لمكتبة أخرى,كم أصبحت افتقدها كثيرا. الآن فهمت لماذا يورث العلماء الكتب,أنها ثروة تورث. أعيدوا لي مكتبتي,أعيدوا لي مرجعي بعد كل قصيدة,أعيدوا لي فهرس عمري وتاريخ بدايتي,لو كنت اعلم أنها ستذهب لعلقت عمري على صفحاتها. انه عمر بطعم الدنيا بأكملها،أعيدوا لي مكتبتي,واقنعوا والدي إنني لازلت أقرأها.