في النصف الأول من القرن العشرين حققت السينما المصرية انتشارا وجذبا لسينمائيين مصريين وأجانب متمصرين لكن هذا الدور قلما يلتفت إليه مؤرخون سينمائيون أجانب وهذا ما دعا سينمائي مصري لرفض ما اعتبره تحيزا ضد السينما خارج المركزية الأوروبية. وقال هاشم النحاس في افتتاح حلقة بحثية موسعة بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة إن الكتب التي تؤرخ للسينما في العالم تجعل من أوروبا وأمريكا مركز تاريخ السينما ونادرا ما تشير إلى أي سينما أخرى خارج هذا المركز ومن النادر جدا "أن نجد ذكرا للسينما المصرية مثلا رغم قدم عهدها ووفرة إنتاجها عن كثير من الدول الأوروبية نفسها". وتابع قائلا "من المؤسف أنه عندما نكتب تاريخنا الفني والسينمائي نقع غالبا في أسر النظرة الأوروبية مما يغلق علينا فهمنا للظاهرة التاريخية الفنية التي تخصنا.. لا مفر لنا من كتابة تاريخنا الفني بأنفسنا". وأضاف أن التأريخ للسينما في مصر لا يتحقق تماما إلا بدراسة العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدت انتشار السينما ولهذا يشارك في حلقة البحث التي تستمر ستة أيام متخصصون في علوم الاجتماع والنفس والتاريخ والأدب الشعبي منهم قدري حفني والسيد يسين ونادية بدر الدين أبو غازي وقاسم عبده قاسم وأحمد شمس الدين الحجاجي ومحمد الجوهري. وحلقة البحث التي تعقد تحت عنوان (السينما المصرية.. التأصيل والانتشار.. 1935- 1952) تناقش قضايا منها (الرؤى السياسية للأفلام المصرية) و(البنية الاقتصادية للسينما المصرية) و(عنترة بين السيرة والسينما) و(السينما والتاريخ.. هل هناك أفلام عربية تاريخية) و (الجمهور المصري والسينما) و(رؤية اجتماعية نفسية للسينما المصرية) و (مسيرة الأفلام الغنائية المصرية). وشهدت السينما المصرية في الفترة التي تعنى بها الندوة رواجا ملحوظا شاركت فيه بالإنتاج والإخراج والتمثيل مصريات رائدات مثل عزيزة أمير (1901-1952) في فيلمها الأول (بنت النيل) 1929 وفاطمة رشدي (1908- 1996) مؤلفة وبطلة ومخرجة فيلم (الزواج) 1932. وقال المخرج سمير سيف مقرر لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة في الافتتاح إن حلقة البحث الخاصة بالتأصيل والانتشار للسينما المصرية هي استكمال لحلقة بحثية سابقة عنوانها (السينما المصرية.. النشأة والتكوين) منذ بداية القرن العشرين حتى عام 1935. وفي رأي النحاس الذي يشرف على الحلقة البحثية أن عام 1935 شهد " البداية الحقيقية لصناعة السينما المصرية.. يمثل مرحلة جديدة نشأت مع بداية تأسيس ستوديو مصر" عام 1935 وأن ما سبقه كان مجرد محاولات فردية لا تعتمد على بنية اقتصادية في هذا المجال. وقال إن السينما المصرية قبل إنشاء ستوديو مصر كانت "بدائية" ففي عام 1934 أنتجت أربعة أفلام في حين كان متوسط الأفلام في نهاية الأربعينيات 45 فيلما في العام وكان بمصر 340 دار عرض عام 1952 وهو رقم كبير مقارنة بعدد السكان الذي لم يتجاوز 20 مليون نسمة آنذاك. وأضاف أن عام 1951 أنتج فيه 52 فيلما وهو رقم يزيد على الإنتاج السينمائي عام 2008 الذي عرض فيه 47 فيلما.