أقيم على قاعة تراث الصحراء في الخبر في الحادي عشر من مارس الجاري معرض الفنان التشكيلي زمان جاسم تحت اسم (انعكاس) وحضره كثير من التشكيليين والنقاد والمهتمين في مقدمتهم رئيس جمعية التشكيليين السعوديين الأستاذ عبد الرحمن السليمان والفنانة القديرة منيرة موصلي، ومع عزف جميل لمقطوعات موسيقية كان الفنان محمد الحلال بعوده يهدد اللوحات والحاضرين بجمال أخاذ. في هذه التجربة التي تولدت لدى زمان بين عامي 2007-2008 والتي تعامل فيها مع “الأكليرك” بخبرة متنامية عالية الحس متينة التماسك في تقاسيمها وتنوعها مع توزيع مدهش للون والمساحات التي لا تركن لقانون سوى لزمان وعمقه المعرفي. البياض الذي طالما خشي كثير من الفنانين وجوده نراه يحضر متداخلاً مع البني كحلم ضبابي الرؤى مطلقا مخيالنا لفضاءات لا حد لها، فتارة تولد اللوحة من قلب البياض لتسكن البني أديم الأرض، وتارة تتخلق اللوحة في البني لتحيل الرؤية لولادة طهر أو بداية حياة. وتحدث الشاعر زكي الصدير حول تجربة زمان ومعرض (انعكاس) تحديدا وقال:”تجربة زمان تأخذنا للبياض المأزوم بالفتنة، فالمساحات كتلٌ تتوزع على خارطة المكان لتؤثث عالماً يراوح الجسد / الرمز ليؤنّث المساحات بألوان ترقص مختالة باستحياء الواثق، انعكاس زمان في هذه التجربة نبوءة للمرايا، تقصّ لنا ما ترويه الحكايا في الأعماق، إنها انعكاس المتلقي على صفحة الكانفس”. الشاعر أحمد الملا قدم قراءة في تجربة زمان عنونها (بنيات زمان يقاومن البياض) قال: زمان جاسم لا يكل عن المغامرة في هذه التجربة، فهو يتعامل مع خامة أليفة ” الأكليرك ” حيث راكم خبراته فيها بإحاسيس ومعالجات متعددة، الظاهر منها حساسية المائيات والباطن مهارة الصنعة الخفية بالملمس والأبعاد.... يمحو زمان بعفويته المدربة متكئات موضوعية كادت أن تترسخ على امتداد تجارب تجريدية سابقة عالجت بفلكلورية ساذجة المنمنمات والزخرف والألوان الغامقة، هنا يستعيد زمان دلالات مقتضبة تمنح في غموضها ما ينفتح على التأويل ويتسع باحتمالات فلسفية ثرة، بدءا من تحولات الكائن في الحياة وتمتد في أثره. وبعيدا عما اعتدناه في تجارب سابقة – لزمان وفنانين آخرين – من أن العتمة الغامضة موحية بعمق الأسرار، فهاهو زمان يقفز بنا في ساطع الضوء في متاهة الصحو حيث البياض بروحانيته يشف عن خيالات وأشباح تطلع رويدا رويدا.. كأنما النور حجاب والبنيَات غارقات في كثافة الأبيض لتتطاول النفس الأخير أو الأول... تطفو كتل بتوازن بعيد عن المنطق الهندسي، بل كتل لا تعرف توازنات وأبعاد غير منطق زمان الفني.. كتل تطفو وتطلع للأعالي، من هنا نتفهم المساحات الطولية الغالبة على هذه التجربة.. نلمح كائنات ملتبسة بالضوء ولا نكاد نعرف إن هي ذاهبة في النيرفانا أم آتية منه.. واختتم قائلا: كأن الفرشاة التي تحثو التراب وتكشف المخبوء هي التي ترسم الآية الآن. البياض حب مصفى ونقاء صوفي.. والبني شطحات روح الكائن في توحده وانسجامه.. خيالات العاشق والبنيات يقاومن الغرق في البياض. يذكر أن الفنان زمان جاسم من مواليد الخبر وشارك في معارض خارجية وداخلية ونال جوائز عدة ويعد من الفنانين الذين لهم تجربتهم الخاصة، يمتد المعرض حتى 20 مارس.