مكة المكرمة - المدينةالمنورة - واس أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل وعبادته وشكره وأن يعدوا ليوم لقاء الله عدته وعدم الاغترار بالحياة الدنيا. وقال في خطبة الجمعة امس: إن آثار الإيمان الصادق بالله تعالى وآثار العمل الصالح الذي يبتغى به وجهه ويقتدي فيه بنبيه صلى الله عليه وسلم تربوا على العد وتجل عن الحصر وإنها آثار لا تغمض عنها أجفان أولي الألباب ولا تغيب عن مدارك أولي النهى ولا تعزب عن نظر وتفكر أولي الأبصار. وأوضح أن من حلو ثمار الإيمان ما يغرسه الله لأهله في قلوب خلقه من محبه لا يملكون ردها و مودة لا يستطيعون إلا الإقرار بها و الخضوع لسلطانها وأن أعظم ما في هذا الحب أنه آية بينة ودليل ظاهر على حب الله تعالى ؛ فلا ترى في الناس إلا محبا له مثنيا عليه رؤوفا رحيما به عبر عن هذا أبلغ تعبير التابعي الجليل زيد بن أسلم رحمه الله بقوله "من اتقى الله أحبه الناس و إن كرهوا يريد أن الناس لايملكون إلا أن يحبوه ولو أرادوا استشعار البغض له ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ". وبين أن الإيمان و محبه الله سبحانه و تعالى تعظم من شأن الناس و تقوي محبتهم و تجمعهم على التقارب فيما بينهم وأن من حارب من أحب الله و رسوله جعله الله في منزله من يحارب الله و رسوله مشيرا إلى أن من أكرم أولياء الله أكرمه الله و رضي عنه و هداه و اجتباه و أن من أعظم من تجب موالاته و الحذر الشديد من معاداته صحابه رسول الله صلى الله عليه و سلم الذين رضي الله عنهم و أفاض بالثناء عليهم في محكم كتابه فقال " و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم" . وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن سب أصحابه وبين أنه لا يبلغ أحد مبلغهم في الجلالة و الفضل و لو أنفق ما أنفق من ماله و أن حب الأنصار من علامات الإيمان الصادق و أن بغضهم من علامات النفاق . وأكد الدكتور الخياط أن محبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصول معتقد أهل السنة والجماعة التي لا اختلاف بينهم فيها وأن حبهم نابع من الدين و الإيمان و الإحسان لان ذلك امتثال لأمر الله و طاعته و تقديم لأمره و نهيه سبحانه و تعالى على كل ما سواهما و لأنهم نصروا دين الله وجاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و بذلوا في ذلك الدماء و الأموال و الأرواحِ. وأورد فضيلته قول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه " من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة " وقال الدكتور خياط: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا فاضل هذه الأمة وأبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في أثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم فأنهم كانوا على الهدى المستقيم. وحذر أمام وخطيب المسجد الحرام من معاداة المؤمنين المتقين وفي الطليعة منهم صحابة خاتم النبيين وسيد ولد آدم أجمعين . وفي المدينةالمنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي في خطبة الجمعة امس عن تقلب الليل والنهار وتعاقب السنين والعبرة في ذلك وقال: لو أعتبر الناس وتفكروا في تلقب الليل والنهار وانقضاء الأعمار وبغتة الآجال وغرور الآمال وفتنة الأهل والمال وسرعة تعاقب السنين والانخداع بزخرف الدنيا والانهماك في ملذاتها وقد آذنت بالزوال لو تفكروا واعتبروا لأصلحوا الأعمال وقدموا لآخرتهم الحسنات وكفوا عن السيئات ولكان همهم حسن المآل وعاقبة الأحوال ولنزعوا من شر الأخلاق إلى أفضل الخصال ، لكن النقص والخلل في الاعتقاد والأعمال والأقوال بما يرد على القلوب من الشهوات والشبهات وضعف العزائم والإرادات بأداء الفرائض والواجبات والوقوع في المحرمات ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( آلا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله آلا وهي القلب ) ، فأصلحوا قلوبكم بالقرآن وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وأوضح فضيلته أن الدين تضره البدع والمحدثات وتقضي عليه وتضره الشهوات المحرمات مبيناً أن وقوع المجتمعات الإسلامية في الشهوات والبدع والمحرمات أدى إلى تأخرها مستشهداً بقول الله تبارك وتعالى { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } وبقول النبي صلى الله عليه وسلم ( وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ). وقال الشيخ الحذيفي: يا من اغتر بالنعم ويا من لم يساكن قلبه الندم ويا من تجرأ على ذي المجد والكرم ونسي الموت وفجأته ويا من نسي القبر وظلمته اتقي الله في نفسك فلن تطيق بطش الله وعقوبته ، وأعلموا عباد الله أن سبيل النجاة واحد لا ثاني له وهو ما سلكه السلف الصالح فإن اقتفيت آثارهم كنت من الفائزين وإن خالفتهم كنت من الهالكين ، قال تبارك وتعالى { وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }. وتساءل فضيلته قائلاً : أين نحن من حال السلف الصالح الذين رفعهم الله درجات وجعلهم قدوة في الصالحات طهرتهم العبادات وزكتهم أعمالهم ولم يتدنسوا بالسيئات. وقال: أيها المسلم إن كنت على منهجهم فاحمد الله واسأله الثبات على دينه وإن كنت مقصراً والتقصير واقع من كل أحد فاجتهد لتكون معهم وإن كنت مخالفاً لهم فتب إلى الله قبل الموت وتمسك بالكتاب والسنة واعرف حال السلف الصالح وأحببهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( المرء مع من أحب ) وأعمل بما نقل عنهم من السيرة الصالحة ومن الوصايا الخالدة والحكم النافعة وأغتنم حياتك قبل طي أيامك فإن وراء الحياة الدنيا حياة الأبد إما نعيم وإما عذاب أليم ، قال أيفع بن عبدالكلاعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال الله يا أهل الجنة كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم قال نعم ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم رحمتي ورضواني وجنتي امكثوا فيها خالدين مخلدين ثم يقول لأهل النار كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فيقول بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم سخطي ومعصيتي وناري امكثوا فيها خالدين مخلدين ). وخلص فضيلته إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبته إلى القول : إن من سعادة من ابن آدم أن يتوب إلى الله دائماً من الذنوب كلها في كل وقت ، قال الله تعالى { فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى? أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ }. وإن من شقاوة بن آدم أن يؤخر التوبة حتى تفوته ، قال الله تعالى { أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ } وقال تبارك وتعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ولا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ. إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}.