ودعنا عاما هجريا واستقبلنا عاام جديدا (1436 ه) ندعو الله عز وجل ان يجعله عام خير وبركة على امة المسلمين وان يديم على المملكة نعمة الامن والامان والخيرات في ظل سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الامين وحكومتنا الرشيدة وان يخلص الامة من التطرف والمتطرفين ويعم السلام على كل شعوب الارض. وبهذه المناسبة الطيبة لابد ان نستذكر الدروس من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم نتعلم منها ونعلمها لابنائنا من اجل حياة التقوى والورع التي من الله علينا بها في الدنيا لاجل بلوغ جنان الآخرة. وللهجرة عند المسلمين معان عميقة في الوجدان والعقيدة اذ تفصل بين الحق والباطل بالهجرة الى الله بالهجرة من الشرك والكفر الى الاسلام وبذلك تعد الحد الفاصل بين عوائد المجتمع الجاهلي ونظامه وتأسيس دولة الاسلام بالمدينةالمنورة ولذلك كله بدأ التاريخ الهجري عند المسلمين انطلاقا من عام الهجرة النبوية من مكة الى يثرب التي اصبحت بعد ذلك تسمى المدينةالمنورة. ولم تكن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم هرباً من المشركين فهو اشجع خلق الله تعالى ولم تكن لاجل الشهرة والجاه والسلطان فقد ذهب اليه اشراف مكة وساداتها وقالوا له : "ان كنت تريد بما جئت به مالا جمعنا لك حتى تكون اكثرنا مالا وان كنت تريد ملكاً ملكناك اياه" ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم يقينا ان دعوته حق لابد ان يؤديها كما امر الله وهو اشرف واسمى من ان يكون مقصوده الدنيا والجاه والسلطان لهذا فقد قال لعمه ابي طالب "والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى يظهره الله أو اهلك دونه". كما لم تكن هجرته طلبا للراحة والتنعم بل كانت هجرته صلى الله عليه وسلم لنشر دين الله واقامة دولة الايمان ونشر كلمة لا اله الا الله في ارجاء المعمورة. والى جانب العقيدة الراسخة فقد تعلم المؤمنون في هذه المرحلة الاخلاق الحميدة والخصال الرفيعة هذبت نفوسهم وسمت ارواحهم وارتفعوا عن قيم الارض واخلاق الارض وطبائع الارض الى قيم السماء واخلاق السماء وطبائع السماء. الهجرة النبوية كانت بداية مرحلة فاصلة في السيرة النبوية اذ بهذه الهجرة السعيدة الناجحة تمت مرحلة مهمة جدا من مراحل السيرة النبوية تمت المرحلة المكية بكل احداثها وآلامها ومشاكلها انها مرحلة ذات طابع خاص بدأ الاسلام فيها غريبا واستمر غريبا الى قرب نهايتها الى ان آمن الانصار ورضي الله عن المهاجرين وعن صحابة رسول الله اجمعين، وعندما علم اهل المدينة بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم تناسوا التشاجرات والخلافات التي كانت بينهم والحروب المستمرة التي ظلت سنوات عديدة وذلك لان الهجرة علمتهم روح التعاون والتماسك وترك التهاجر والتناحر لانهما يؤديان الى الفشل. "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليّ وابوء بذنبي فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". وكل عام وأنتم بخير.