تحتاج الطبيعة البشرية إلى توقف أحيانا، والتوقف يكون على جميع الأصعدة والمستويات فمثلا التوقف عن العمل وأخذ قسط من الراحة، التوقف عن الإنجازات، التوقف عن الروتين اليومي، التوقف عن الأصدقاء، التوقف عن التفكير، التوقف عن الدراسة، التوقف عن الحب والتوقف عن مراعاتنا لكل ما حولنا، ففي التوقف تكتشف أموراً لم تخطر ببالك وأحيانا تكتشف نفسك من جديد، كلنا يحتاج التوقف مهما كان نشيطا، قويا، قادرا ومفكراً والتوقف لا يعني ضعفك ولا عدم قدرتك على تكملة المشوار بل على العكس هو تجديد لنفسياتنا وأفكارنا بل ولطموحاتنا ومراجعة حساباتنا، وعندما نبتعد عن كل ما نحب ليس لأننا في حالة كره ولا لأننا فقدنا القدرة على الحب ولا لأننا مجردون من المشاعر وإنما لأننا بحاجة إلى وقفة وهدنة مع أنفسنا لنتمكن من تجديد عطائنا وحبنا وضمان الاستمرارية في هذا العطاء، والتوقف لا يكون بالانعزال ووقف عجلة الحياة فهذا صعب بل يمكننا أن نوقف ذلك في داخلنا في حين أن أمورنا تسير كما هي، كل الآلات والمحركات تحتاج لوقفات لتعاود نشاطها والبعض منها يحتاج إلى وقود أو تغيير بعض الأدوات كذلك النفس البشرية تحتاج إلى وقف نشاطها وأخذ استراحة وتغيير بعض الأفكار أو السلوكيات ومن ثم نعود من جديد لمواصلة نشاطاتنا. وبالتأكيد أن أفضل استراحة تكون في وقت الإجازة والتي قضاها وتمتع بها الأغلبية في الفترة الماضية حيث سافر الأغلبية وجّددوا نفسياتهم بمشاهدة مناظر جديدة وغيروا من روتين حياتهم اليومي وابتعدوا عن ضغوطات العمل وتوقفوا عن كل ما يقلقهم وربما أعطوا أفكارهم إجازة أيضاً، كذلك الطلبة غيروا روتينهم وابتعدوا عن ضغوطات الدراسة وها هي تنقضي الإجازة ويعود الجميع لوضعهم الطبيعي سواء الموظفين أو الطلبة وبالتأكيد عودتهم تأتي بعد توقف عن كل ما كانوا يقومون به قبل الإجازة وبكل تجّدد يعودون للحياة العملية مع تجديد نشاطهم وطموحاتهم والاهم نفسياتهم ليتعاملوا مع الآخرين بروح جميلة ويتقبلوا الآخرين وآراءهم ويشجعوهم على العطاء والإنتاج بعيدا عن التناحرات الوظيفية. جدّد بعودتك كل ما حولك، جدّد في مشاعرك وأشعر كل من حولك بهذا التجدّد، حاول أن تغيّر سلوكياتك السلبية وأفكارك الخاطئة، ابتعد عن كل ما ينغص عليك صفو حياتك ومتى شعرت أنك بحاجة إلى وقفة أخرى لا تتردد وتوقف لتبدأ من جديد. @amalabdulmalik