انها لمناسبة سعيدة ان نحتفي باليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، لانه اليوم الذي امتن الله به على المسلمين، بأن وفق الامام المجاهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - طيب الله ثراه - الى توحيد ارجاء الجزيرة، تحت راية "لا اله الا الله محمد رسول الله"، مما عاد بالفضل العميم، والخير الكثير على الجزيرة العربية واهلها بخاصة، وعلى جميع المسلمين في كل ارجاء المعمورة بعامة. وما يزيد هذه المناسبة الجليلة، اهمية وسعادة انهاء تأتي والمملكة العربية السعودية تستنفر كل طاقاتها، وتسخر كل امكاناتها المادية والبشرية، لاستقبال حجاج بيت الله الحرام في اكبر تجمع بشري، واعظم مؤتمر اسلامي في العالم، وخدمتهم، وتسهيل كل الوسائل لهم لاداء مناسك الحج في يسر وامان وطمأنينة. وهذا التزامن المبارك بين المناسبتين العظيمتين يستدعي ان نبين اثر توحيد المملكة في امن الحج وامانه، لاول اول مطلب واهم مقصد للحاج هو ان يشعر بالامان والامن على نفسه واهله وماله. ولكي يتضح هذا الاثر بكل جلاء ووضوح، لابد ان نشير الى الحالة التي كانت عليها الحجاز قبل توحيد المملكة، وكيف اصبحت بعد التوحيد، لان بضدها تتبين الاشياء. وسأترك الكلام والشهادة على ذلك، لكاتبين شهيرين، يحدثاننا عن الحالتين: حالة الحجاج قبل التوحيد، وحالتهم بعد التوحيد: اولهما: الاستاذ/ احمد امين، يقول في مقال نشره عام 1944م "ولقد كان من اكبر حسنات الحكومة السعودية تأمينها الحج، ونشرها الطمأنينة والامن للحجاج في انفسهم واموالهم. لقد ادركنا في صبانا عهداً كنا نسمع فيه ان الحج مجازفة ومخاطرة، وكنا نسمع الاحاديث والقصص عن خطف الناس، وقتلهم، وسلب اموالهم، وكان ابتعاد الحاج عن خيمته امتار، معناها ضياع". الثاني: الاستاذ/ محمود حسين المصري، فقد قال في مقال له نشر في جريدة صوت الحجاز في عددها 462 يوم الاربعاء 3/ ربيع الاول، عام 1359ه": كان الحجاز لقمة سائغة لعصابات السلب والنهب، تستولي على متاع الحجاج، وتجردهم من ثيابهم، وتستحل دماءهم، وما برحت النوادر والحكايات عن ذلك الزمان السالف يرويها الناس، ولا جدال ان الوصف الذي كان يطلق على الحج في ذلك الحين من ان "الذاهب مفقود، والعائد مولود" يحوي شيئاً كثيراً من الصحة. ولقد وفقني المولى - سبحانه وتعالى - للذهاب الى الحجاز هذا العام (1359ه) لتأدية فريضة الحج، فرأيت رأي العين، كيف يبسط الامن جناحيه، على كافة انحاء البلاد ليلا ونهارا فلا اعتداء على الارواح، ولا سلب للاموال". فالمقالان السابقان يلخصان حالة الحج قبل توحيد المملكة، وانها مغامرة خطيرة، فالخارج للحج في حكم المفقود، والعائد منه كالمولود الجديد، وان الحالة انقلبت الى الضد تماماً بعد توحيد المملكة، فاصبح الحاج امنا مطمئنا على نفسه وماله الى درجة يحسب كثير من الناس انها من الخيال. وقد سارت احوال الحج، واوضاع الحجيج، في مسار تصاعدي، بعد توحيد المملكة، فبذل ولاة الامر كل نفيس وغالي، لتطوير المدينتين المقدستين، والرقي بالحرمين، وتشييد المشاعر المقدسة. حتى بلغ الامر ذروته في هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ورعاه - سواء في توسعة السعي، او التوسعة العظيمة للجمرات - او التوسعة التاريخية للحرم الشريف، حتى اصبح ادا فريضة الحج في غاية اليسر، والامن والطمأنينة، ولله الحمد. ولاشك ان ذلك كله يستوجب منا جميعا شكر الله - تعالى - على هذه النعم المتتالية، وان نبذل جهودنا في المحافظة عليها، وذلك بأن نكون امة متحدة متراصة، ملتفة حول قيادتها الرشيدة، قيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد الامين، وسمو ولي ولي العهد، حفظه الله ورعاهم. عبدالله بن ابراهيم الهويمل وكيل وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الادارية والفنية