عبر أمواج الحر الخانق وصل مئات الرجال والنساء إلى ملاذ آمن شرقي العراق ، تدفقت العائلات عبر الحدود بالمئات، إلى كردستان، يحملون أطفالهم على أكتافهم، ومرارة في قلوبهم وعلامات على وجوههم تشي بالويلات التي ذاقوها. تجلس غوراس كاسا على الأرض مع أطفالها الستة في ظل شجرة. لقد أجبروا على النزوح عن بيتهم قبل عشرة أيام. تتدحرج على وجنتها دموع صامتة، ثم تروي كيف أجبرهم مسلحو داعش على النزوح إلى جبال سنجار. تقول إن شقيقتها قتلت، وتشير بيدها إشارة أفهم منها أنهم جزوا عنقها. تمكن طفلا شقيقتها من الهرب إلى جبال سنجار، ولكن، حسب ما تعرف، ما زالا عالقين هناك. "قتل متعمد"الأطفال والرضع الذين يستلقون في أحضان أمهاتهم في فيء الاشجار، هذه فرصتهم ليغفوا، وهم واثقون أن عيون أمهم تحرسهم. كل من تحدثنا إليها قالوا إن المسلحين تعقبوا الهاربين، وأطلقوا النار على النساء والأطفال لقتلهم، أو نحروهم، بينما ألقوا القبض على النساء الشابات والفتيات. وقالوا ايضا إن عددا كبيرا من أولئك النساء قيد الاحتجاز في سجون الموصل وسجون في أماكن أخرى، وهناك خوف من ان يتعرضن للبيع أو يجبرن على البغاء مع المسلحين. هذا ما فهمه الأقارب من مكالمات هاتفية هامسة من بعض تلك النسوة. هذه العائلات نجت من خطرين: خطر المسلحين، ثم خطر الجوع والعطش والطقس الحار. وبالرغم من أن الكثيرين بينهم ما زالوا يعانون المرض والجفاف، إلا أنهم يحصلون الآن على الطعام والشراب. الناس الطيبون من الجوار جاؤا إليهم بالطعام والشراب والملابس. المشي لعشر ساعات التقينا عائلة شروه علي بأفرادها التسعة بينما كانوا يمشون باتجاه المركبات التي ستقلهم إلى القرى المجاورة مثل زاخو ودوهوك. يخبرنا شروة أن العائلات مشت على مدى عشر ساعات بعد أن فروا من الجبل ثم عبروا الحدود إلى سوريا، وعادوا مرة أخرى إلى الأراضي العراقية. وكالات الإغاثة الكردية والدولية هنا وتبذل قصارى جهدها للمساعدة، كتزويد النازحين بالطعام وتوفير المأوى لهم، لكن العدد كبير، فقد وصل إلى هنا 35 ألف نازح. سيقيم النازحون مؤقتا في مدارس أو أي بنايات متاحة، لحين إعداد مخيمات لهم. المناطق الكردية في شمال العراق أصبحت الآن تؤوي مئات الآلاف من النازحين.