صار البحث عن رغيف في بعض الدول الإفريقية والآسيوية رياضة ليلية للصبية، ومهمة تتطلب الصبر وقوة الاحتمال للكبار قبل الصغار. ففي احدى تلك الدول لقيت امرأة في الثالثة والثلاثين من العمر مصرعها أمام مخبز، وهي تحاول الحصول على رغيف خبز تسد به رمقها، ورمق أبنائها من الجوع. في تلك المدن كثيراً ما قضى الصبية ليلتهم يركضون من مخبز الى آخر للحصول على الخبز، وغالباً ما ينتهي هذا "الماراثون" الليلي بلا خبز أو حتى نوم. ولا تعجب إذا ما عرفت أن الرجال والنساء والأطفال يقفون أمام المخبز أكثر من خمس ساعات للحصول على نصيبهم من التوزيع الذي تقوم به بعض الجهات الخيرية، وفي الغالب لا يكفي الطوابير التي تقف انتظاراً للغنيمة.. هذا فيما يخص رغيف العيش، ولك أن تنظر ما تعانيه هذه الشعوب من أزمة في الوقود، وفي الماء، والكهرباء، وأنت كمتابع لكل هذه الصور المعتمة لهؤلاء البؤساء لابد أن تشعر بالفجيعة فتصاب بالحيرة أكثر، وتشعر بالألم يتجدد في داخلك بشكل مخيف، وتتساءل في مرارة الى أين يسير هذا العالم، وهو يرى المآسي التي يعيشها نصف العالم من هم على الكرة الأرضية.. وتزداد فجيعتك وأنت ترى النصف الآخر في هذا العالم يدمر بعضه بعضاً بكثير من صور الدمار بهذه الأشكال من التخريب، وجريان الدماء دون أن يتوقف، ويسأل نفسه لماذا كل هذا يجري؟ إن هذا الرفاه الذي يعيشه نصف العالم لو أعطي أحقية ما عليه لن نجد ذلك النصف المحتاج إلى الخبز أبداً.