الحمد لله أن بلغنا رمضان ، فشهر الصوم نعمة من الله سبحانه لا يعرف قدرها إلا أهل القبور الذين رحلوا عن دنيانا الفانية ، اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم واكرم نزلهم ووسع مدخلهم واجعلهم من المقبولين وجازهم بالحسنات احسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا ، واجمعنا يا الله في مستقر رحمتك بمن نحبهم واشتقنا لهم وذرفت عليهم عيوننا أدمعا. ففي شهر الصوم نتذكر احبة واعزاء فارقونا في الحياة وقد تقاسمناها معا بحلوها ومرها، واصبحوا تحت الثرى ويحتاجون الدعاء ، وكل نفس ذائقة الموت وستعود الى خالقها العظيم بالأجل المحتوم حيث حساب ولا عمل ، فما أعظمها من نعمة ان يعيش الانسان عمره زارعا للخير والفضيلة ويعيش على بصيرة في طاعة الله دون تسويف أو تأخير. نعم ايها الأحبة نتذكر في رمضان اعزاء ودعناهم نتذكر آباء وامهات وزوجات وازواج وابناء وكل من فقد حبيبا وعزيزا انما حري به ان يتذكره بالدعاء ويبذل الصدقات الجارية فلا تزال اصوات وملامح من فقدناهم مطبوعة في الوجدان وترن في الاذن اصواتهم ونستذكر احاديثهم وآمالهم وآلامهم ، وتقاسمنا الحياة بما قسم الله من رزق وستر. كم من ازواج اوفياء يتذكرون سنوات ومراحل العمر مع زوجاتهم في السراء والضراء وكم من زوجات يحتضن ذكريات العشرة والحياة وفاء لازواجهن وكم من ايتام لا يغيب عنهم عطف آباء وامهات فلنتذكرهم دائما ولنذكر لهم بالدعاء والبر ما قدموا من خير وبذل من الصحة والتعب ونتذكر معهم اعياد واعياد ، نسأل الله ان يجمعنا بأحبتنا في جنة الخلد. وشهر الصوم نعمة عظيمة حاضرة على الاحياء الذين كتب لهم عز وجل ان يشهدوا الشهر الفضيل ولا يعرف قدره الا من ادرك قيمته وحرص على اغتنامه رجاء في مغفرة من الله فخير الشهور يسكب في القلوب المعاني والفضائل العظيمة التي نرجوها وتستوجب الاخلاص لله تعالى والمداومة على ذكره وطاعته وعبادته (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) والصوم مدرسة بالصدق والاخلاص وقد قال سبحانه في الحديث القدسي : (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به). فالصوم ليس عبادة مجردة وإنما مدرسة للتقوى في السر والعلن، وحياة مشبعة بالاخلاق والصالحات ومعطرة بالقيم والتسامح وحفظ الجوارح وحب الناس فشهر رمضان هو شهر الرحمة ورقة القلوب وما أشقى القلوب القاسية الغافلة عن اغتنام جائزة الصوم وذكر الله وقد قال سبحانه (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى). إن شواغل الدنيا الفانية يجب ألا تختطف القلوب بالسهو واللهو دون عظة وعبرة فالحياة تمضي ويمرق العمر وكأنه لحظة فكيف يغفل الغافلون عن التقرب إلى الله بالقربات والاخلاص له سبحانه في العبادات والمعاملات وأداء حق الله وحق الناس والاعتبار والتدبر بمعنى العبودية لله سبحانه وتعالى فلا يغتر انسان بالدنيا والسعيد هو من اتعظ وسعد بذكر الله وأطمأن قلبه به. اللهم أتم علينا الشهر الكريم وتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال. للتواصل / 6930973