لولا مجانية التعليم ما كنت امسك القلم الذي امسكه الآن واكتب ما اكتبه ولا مجانية التعليم ما كان كثيرون ممن يقرأون الآن كانوا يقرأون مجانية التعليم التي اتحدث عنها هي المجانية التي بثها مؤسس مملكتنا الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - والتي سمحت لأبناء شبه الجزيرة العربية الموحدة بأن يدخلوا الى مدارس وجامعات الوطن ليتخرجوا فيها اضافة الى رصيد هذا الوطن. بات الحديث عن مجانية التعليم الجامعي عنصراً حاضراً اليوم في الحوار المجتمعي,يقول احد اولياء الامور ان هناك معاناة في الجامعة الحكومية يعاني منها ابني وابناء الاخرين وهي غياب قاعات المحاضرات .. الغائب الحاضر ولكن هذا ليس معناه ان يتحول التعليم العالي الى تعليم خاص بمصروفات لان عامة الاسر مثلي لن تقدر على ذلك.ويستمر هذا الوالد بانه دفع مصاريف الدراسة عبر نظام الانتساب المدفوع حوالي (3000) ثلاثة آلاف ريال لثلاث مواد اي كل مادة بألف ريال وذلك بجامعة الملك عبدالعزيز. وفي هذا السياق النقدي تتعدد موضوعات التنازل بتعدد مكونات مثل الجامعة (الاستاذ .. الطالب .. المبنى) وفي اطار ازمة القبول بالجامعات سنويا يصبح طبيعياً ان يميل ضلع او يكون المثلث (المبنى) قاعات المحاضرات الواسعة - والمدرجات الرحبة التي تستوعب افواج الخريجين المتزايدة سنوياً احد تلك الموضوعات باعتباره قلب مشكلة القبول والذي تتمسك به الجامعات لدينا في التعامل مع القبول قائلة "ضيق المكان، وبلغة اخرى تستخدم مصطلح (الطاقة الاستيعابية) ويعتبر مفتاحها وركيزة لسياسات (الانتساب المدفوع). مجانية التعليم الجامعي والخلاف حول قضية وهمية لذلك ماذا تريد من التعليم الجامعي وكيف يتحقق؟ في ظل مجانية التعليم الجامعي التي كفلتها الدولة شهدت المملكة اجيالا من ابناء المملكة (اغنياء وفقراء) من البادية والحضر اجيالا من الذين تعلموا في ظل تمتعهم بحقهم في التعليم الجامعي بالمجان (منتظمون ومنتسبون) وان هذا الاعتراف يؤكد الحق للاجيال الجديدة في التمتع بمجانية التعليم الجامعي. ان القول بان مجانية التعليم الجامعي التي عشنا فيها وتمتعنا بها لعقود هي سياسة رشيدة . فقرار الجامعة بالمجان لكل طالب واستمرار مجانيته سيكون قرارا صائباً . هذا المقال لا تنقصه الصراحة . لقد تعثر الحديث عن مكون (المبنى) مما ادى الى تفاقم مشكلات القبول بالجامعة وفتح الباب على مصراعيه على استخدام (الانتساب المدفوع) لمدة شهر تقريبا. لا مجال للاشارة الى هذه الحقيقة الخاصة بقاعات المحاضرات (الغائب الحاضر) والتي ادت الى التأثير على مجانية التعليم الحامعي ولكن للمحافظة على مجانية التعليم الخاص واستمرارها للاجيال هو استخدام التعليم عن بعد الذي يعتبر احد مسارات التعليم في دول العالم, يقضي التعليم عن بعد على مساوئ نظام الانتساب المدفوع الذي يتمثل في دورة شهرية للطلاب, يحقق التعليم عن بعد فكرة الحوار والمناقشة حيث يسمح للطالب باختيار مدرسه ومناهجه في الوقت المناسب له وفي مكان وجوده, يقضي التعليم عن بعد على التكدس الذي نشاهده في نظام الانتساب المدفوع. وختاما ان استخدام فكرة التعليم عن بعد سيحل كثيراً من مشاكل الانتساب المدفوع الذي تعاني منها الاسر السعودية على مدى سنوات والسؤال الذي اطرحه في النهاية هو هل مجانية التعليم الجامعي تعني الحق في تلقي التعليم الجامعي؟ واذا كان الامر كذلك فهل هذا الحق هو حق للجميع دون تمييز؟ ام انه ينبغي ان يكون قائما على القدرة المادية فقط؟. التعليم الجامعي هو مستقبل هذه الامة ، املنا في الحفاظ على الدراسة بالجامعة بالمجان لكل طالب ، ولا ينبغي ان تتحول القضية الى مجرد سياسة لجمع موارد مالية عن طريق رسوم الانتساب المدفوع فمجانية التعليم الجامعي سيرفع لواءها تبني فكرة التعليم عن بعد حيث يمتد نشاطها خلرج اسوارها الى المناطق والمحافظات وتكون بذلك جامعة عصرية والذي سيطغى ان عاجلا او آجلا على الانتساب المدفوع وهو ليس حلما بعيد المنال للاسر السعودية بل ربما نشهده في حياتها القادمة إن شاء الله.