(على بابا) حكت عنه الأسطورة الشعبية أنه رجل دخل مغارة (للحرامية) فخرج منها (بطلاً مؤزراً)، لأنه (سرق الحرامية) فصار هو بطلاً وظلوا هم (عصابة). لم يتغير الحال كثيراً فى تلك الصالة المغطاة التى حملت اسمه، وصار مرتادوها يحملون صفاته وأفعاله بدون أساطير تُنسج حولهم فتجعلهم أبطالاً، فى الحى الشعبى تمثل سينما (على بابا) معلماً مكانياً وتاريخياً مهماً لأهالى بولاق أبوالعلا والغرباء عنه، يحمل أصالة وأهمية فى الأذهان والروايات لكن (ياما فى الجراب يا حاوي). فى قلب المبنى القديم ذى الطابقين، صالة واسعة حالكة الظلام، تتراص مقاعدها بطريقة قديمة، أمامها يجلس رجلان ويحيط بهما بوسترات لأفلام شعبية عرضت فى الفترة الأخيرة مثل «الألمانى»، و«عبده موتة»، و«ضى القمر»، و«فكك منى»، و«حصل خير». أحد الرجلين مختص بقطع تذاكر الدخول، والآخر مرشد زوار السينما إلى مقاعدهم. الصالة بابها حديدي يجلس بداخلها «راضى» أحد أبناء المنطقة، جاء خصيصاً لمشاهدة فيلم «عبده موتة»، الرجل الأربعينى يقول إنه يعمل «سمكري» للسيارات، يعتبر السينما نزهته السهلة المتواضعة «الواحد بييجى يروق دماغه شوية ويستمتع ساعتين ويمشى»، السينما المعروفة شعبياً «على بابا» اسمها الرسمى «الكورسال الجديدة»، ينقسم عملها اليومي إلى فقرتى عرض؛ من 10 صباحاً حتى الواحدة ظهراً، ومن 5 مساءً حتى 11 مساءً، حسب موظف قطع التذاكر، منذ دخول «راضى» الحفلة لم يثبت فى مقعد معين، بحجة أن الإضاءة غير مناسبة لرؤية الشاشة. المشاهدون كثيرو التنقل بين المقاعد.. وأحدهم يعلق «دى شقاوة شباب اليومين دول» الحضور القليل فى العرض يصلح معه وصف الصالة الواسعة بالفراغ، ريبة وترقب غير مبرر ينتاب الجميع، نظرات متبادلة، همس ولمز، وحركات قلقة بين الحاضرين، أناس يرصدون حركة كل زائر جديد، ظواهر غريبة تحدث داخل الصالة المغلقة، لا يتوقفون عن التنقل بين الكراسي، يتعمدون الجلوس بجوار أى «وجه جديد»، ومكالمات غامضة تحدث فى الموبايلات أثناء عرض الفيلم، الوجوه داخل الصالة لا تتغير مع تغير الحفلات، يبرر ذلك «راضى» بأن أغلب المشاهدين من أبناء المنطقة، ويضيف «هية بالنهار بتبقى فاضية، لكن فى الليل بتبقى زحمة خالص".