كانت لحظة الحنين إلى الماضي "خنجراً" يقطع خاصرة الزمن.. وربما ينخر فيها فيجعلها تنزف بشدة.. فيتدفق "الشوق" لتلك اللحظة الهاربة من عمر الزمن.. فلا يجد الانسان في نفسه إلا مزيداً من الاغراق في ذلك الماضي المتسرب في تجاويف العمر.. ليعطيه حرارة اللحظة. فتح كفه كأنه يقرأ خطوط الوهم عندما تذكر ذلك الحوار الحميم أحيانا.. والحار احيانا اخرى الذي جرى بينهما في يوم – ما – في زمن – ما – في لحظة – ما – عندما قالت له وهي تضغط على مخارج الحروف: مثلما كان حضورك نقطة استفهام في عيوني كان غيابك يمثل في نفسي خوفا لا ادري سببه وفي ذات اللحظة اعتقدت ان عمر هذه العلاقة يطول.. ويمتد.. فإذا به يهتز وينفك الى نقطتين تنتظران مني متابعة ما يدور في اللوحة الفراغ امامي. وقبل ان يقاطعها واصلت قائلة.. اعترف انني استأنفتك يا مشوار عمري الطويل الذي لا نهاية له.. وعليك أن تضع حرف التعجب.. اللعين في الفاصلة التي تختار. كيف يستمر الاستنزاف امام جدول الخوف المطوق عمري.. ؟! فقال لها كأنه يلتقط لحظة صمتها ليدخل في تجاويف عمرها.. ان حرف "التعجب" هي "الشوكة" التي نضعها باستمرار أمام اعين الآخرين التي تدور في الفراغ.. فالعمر يا سيدتي هو مجموعة من لحظات نعيشها على كثير من الالم والأمل.. الفرح.. والترح.. الضحك والدموع.. لا علينا من كل صور الكراهية" او الحقد الذي يستعمر نفوس الآخرين الذين لا يعرفون كيف يعيشون لحظة الشوق المطرز بالوفاء بعيداً عن غرس "الأشواك". انني ازيح حرف "التعجب" ذاك فأنت طالعة في نفسي بكل شموخك وكبريائك.. وعنفوانك. فقالت وكأنها تمسك بكل عمرها لتقذف به في دفتر عمره وشيء يلمع في عينيها. حين جئت الى مدينة عمري كانت كل الاحباطات في داخلي تقول إن الحالة وقتية.. وان الزمن لا يقوى على التألق، جئت وعندي من القناعات ضد الفرح ما يكفيني العمر كله.. لكن قدري ان اتخطى الاسوار واجتاز الحواجز واقف امام موجك المنساب بكل شوقه وعنفه وعنفوانه في جذوري.. وكنت ارانا في كل موجة عاتية متكسرة على رمال الشاطئ بكل توهجها.. وزبدها وانكسارها.. كنت أرانا فيها بقدر ما تعطيني من شعور بالالم بقدر ما اتعاطف مع لحظة الانضواء تحت تضاعيفها القاسية بكل حنانها المتواري خلف شوق – السنين – نعم جئت واذا بي استمرئ كل التعب. قال لها وهو يشرب بقايا دمعها.. دمعه لا يدري ان التعب معك هو الراحة التي فقد لذتها كثير من أولئك الذين حرموا لذة الدخول في شجون الآخر فعاشوا "احاديين" يفضلون القيام بدور المعطل لدوران عجلة – التعب الجميل – بعد ان حرموا لذة طعم الحلم.. الأجمل. قاطعته قائلة: آه.. الحلم.. انني مازلت حتى اليوم رغم اصرار الزمن على قسوته انني "الحلم" صحيح ان هاجس "الوهم" متداخل في عوارض "الحلم" الا انني احلم واتوهم بك فأنت نقطة الضوء التي تسرق بصري من بين الف.. الف ضوء تظل ابدا مجدافي الذي يأخذني للشاطئ هذا قدرك وهو ايضا رغما عن كل المحاولات قدري. صمت.. راح ينقر على طرف ركبته بأصابعه وهو يردد ذلك الصوت المنساب في داخله. نورك دعاني.. وعندك الشوق وقف كأنه فنار لاح.. في عين ملاح. وضعت ذقنها على مجمع قبضتها وصوتها يتماوج كأنه ونة مجروح يدق القلب دقك على الدف يا عسى الضلوع.. توقي القلب لاطاح وبصوت واحد راحا يرددان زل الطرب يا موجع الطار بالكف شابت ذوابي الليل نور الضحى لاح غرقا في صمت.. أخذهما الكلام.. خارج حدود الكلام ففي الصمت يكون الكلام أجمل.. وأعذب..