جدة - البلاد في تعقيب موسع أوضحت الهيئة العامة للسياحة والآثار عدداً من النقاط والجوانب رداً على ما تناوله الكاتب والمفكر الدكتور عبدالله مناع بشأن مشاريع تطوير منطقة جدة التاريخية وما يثار حولها من ملاحظات. وفي ما يلي رد الهيئة: سعادة رئيس تحرير صحيفة (البلاد) المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اطلعنا على الموضوع المنشور بصحيفتكم يوم الأحد 2 ربيع الآخر 1435ه، الموافق 2 فبراير 2014م، بعنوان (عبدالله مناع.. يبث شجونه عن: مهرجان (جدة) التاريخية والنجاح المخجل) والذي تحدث فيه الكاتب عن العناية بوسط جدة التاريخية وقصر خزام بمحافظ جدة. ونحن في الهيئة العامة للسياحة والآثار إذ نشكر لكم تناولكم للقضايا المتعلقة بالتراث الوطني، نقدر اهتمام الكاتب الكريم الأديب الأستاذ عبد الله مناع بموضوع (جدة التاريخية)، ونود أن نوضح ما يلي: -أورد الكاتب الكريم رأياً غير دقيق تاريخياً حول زيارة الملك عبد العزيز إلى الأحساء والعقير إذ ذكر : " أن الملك عبد العزيز - رحمه الله - زاره مرة واحدة بترتيب من (بريطانيا العظمى).. المسيطرة على المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى لحل الخلافات بين أصدقائها في الجزيرة العربية من الهاشميين والسعوديين و العجمان"، وهذه المعلومة لا تصح مطلقاً استناداً لإيضاح دارة الملك عبد العزيز بوصفها الجهة المعنية بالتاريخ الوطني حيث تم ضم الأحساء ويتبعها العقير للمملكة العربية السعودية عام 1331ه/1913م ولم تكن لبريطانيا أي سلطة على الأحساء حينها، وبعد رفض الملك عبد العزيز- رحمه الله- بنود اتفاقية المحمرة عام 1340ه/1922م ولم يوقع عليها دعا الملك عبد العزيز للاجتماع في ميناء العقير السعودي عام 1341ه/1922م لحل مشكلات الحدود بين العراق والسعودية وكان حضور بريطانيا للمؤتمر ممثلة عن العراق باعتبار العراق آنذاك تحت الحماية البريطانية مع العلم أن ممثلين عراقيين حضروا مؤتمر العقير مع المندوب السامي البريطاني على العراق السير برسي كوكس، وبقي العقير ميناء مهماً بوصفه ميناء عربياً ومنفذاً بحرياً رئيساً للجزيرة العربية قبل الإسلام وميناء في العصور الإسلامية وآثاره تدل على ذلك. -اهتمام الدولة بالمواقع الأثرية والتراثية يأتي في سياق الحرص على إبراز العمق التاريخي والحضاري في جميع مناطق المملكة، وقد جاءت منطقة جدة التاريخية بين أول ثلاثة مواقع أقرتها الدولة لتكون في مقدمة مواقع التراث الوطني السعودي المرشحة للتسجيل في قائمة التراث العالمي باليونسكو، بموجب قرار مجلس الوزراء الموقر عام1427ه، بالموافقة على تسجيل ثلاثة مواقع تاريخية هي (موقع الحجر بمدائن صالح، وحي الطريف في الدرعية التاريخية، وجدة التاريخية)، بناءً على ما عرضه صاحب السمو الملكي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسياحة والآثار حينذاك الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله ، المبني على اقتراح صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة رفع ملف المواقع الثلاثة إلى مجلس الوزراء الموقر لتسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي، والذي نتج عنه تسجيل الموقعين الأولين (الحجر بمدائن صالح، ثم حي الطريف في الدرعية التاريخية، بناء على استعدادية المواقع للتسجيل ) وتقديم ملف جدة التاريخية الذي سيتم التصويت على انضمامه صيف هذا العام إن شاء الله. - أولت الدولة اهتماماً خاصاً لجدة التاريخية، من خلال جهود أمراء منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز-رحمهما الله- ، حيث تم العمل على زيادة الوعي بأهمية هذه المنطقة من خلال مشروع تطوير جدة التاريخية، وما عمل عليه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكةالمكرمة سابقاً ورئيس اللجنة العليا لتطوير جدة التاريخية. حيث اهتم سموه بجدة التاريخية من خلال رئاسته للجنة العليا لمشروع تطويرها مما أسهم في تنفيذ مشاريع والتأسيس لمشاريع مستقبلية للمنطقة. وأولى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار منطقة جدة التاريخية عناية شخصية منذ مدة تقارب الخمسة والعشرين عاماً، وذلك ضمن اهتمام سموه بالتراث العمراني الوطني قبل إنشاء الهيئة العامة للسياحة والآثار وذلك في إطار رئاسته الفخرية للجمعية السعودية لعلوم العمران، وكان من أكثر المنافحين عن هذه المنطقة والمنادين بأهمية نهوض الأهالي والمؤسسات المحلية في محافظة جدة بدورهم، وعمل من خلال رئاسته للهيئة وعضويته في اللجنة العليا للمشروع على الاهتمام بجدة التاريخية ومتابعة جهود تطويرها، وقام بزيارتها عدة مرات. كما حظيت جدة التاريخية باهتمام ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة ومتابعته الدائمة لجهود حماية الموقع ومشاريع تطويره. والأن تشهد المنطقة انطلاقة كبرى وانتظام في مساراتها بالتضامن بين الهيئة العامة للسياحة والآثار ومحافظة جدة والأمانة والملاك والأهالي ، وبمتابعة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة مكةالمكرمة. -عملت الهيئة بالتعاون مع إمارة منطقة مكةالمكرمة ومحافظة جدة وأمانة محافظة جدة على تصنيف المباني التاريخية فيها، ورصف شوارعها، وإنارتها، وتأسيس إدارة لحمايتها وصيانة المباني التراثية فيها، وتحديث نظام البناء بما يكفل المحافظة على نسيجها العمراني التاريخي، حيث وضعت الهيئة مشروع تطوير جدة التاريخية على رأس قائمة برنامجها الوطني لإعادة تأهيل مراكز المدن التاريخية وفي إطار مشروع الملك عبد الله للعناية بالتراث الحضاري الذي أقرته الدولة مؤخراً، الذي تعمل عليه بالشراكة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، وكان للهيئة دور مهم في إقرار ميزانية خاصة لمشروع تطوير جدة التاريخية لأمانة جدة، والبدء في ترميم 18 مبنى تراثياً، ودعم وتطوير مسار الاستثمار في المنطقة، وترشيح عدد من المباني التراثية للعمل على تطويرها، ومعالجة القضايا المتعلقة بالأوقاف بالتعاون مع وزارة المالية، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، وكذلك معالجة القضايا المتعلقة بالصكوك بالتعاون مع وزارة العدل، وحث الملاك على تأسيس جمعية تضمن إشراكهم في مراحل الحماية والتطوير بعد أن كانوا غائبين عن أي مبادرات لحماية المنطقة وهو ما أسهم في تأخير العمل في تطوير المنطقة في المراحل السابقة.ولاشك أن مرحلة إهمال جدة التاريخية ستنتهي بتعاون وتضامن الجميع لتحقيق أهداف مشروع التطوير الذي سيسهم في إحياء تراث وطني مهم وسيكون عنصر جذب ثقافي وسياحي رئيس في محافظة جدة، والتقصير الذي حدث لم يكن من جانب الأجهزة المحلية ولكنه تقصير يشترك فيه الجميع، كما أن دور الملاك أساسي في هذا المشروع وهو الذي لم يفعل سابقاً وقد تم تفعيله الآن. أنجزت الهيئة بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية وعلى رأسها أمانة جدة على استكمال ملف ترشيح جدة التاريخية وتم تقديمه لليونسكو في يناير 2013م، وتنص الإجراءات المعمول بها في المنظمة على إحالة الملف بعد القبول الشكلي إلى المجلس الدولي للمعالم والمواقع (الأيكوموس) للتأكد من استحقاق الموقع للتسجيل ضمن قائمة التراث العالمي، ثم تأتي بعدها المرحلة النهائية بالتصويت على الموقع خلال اجتماع لجنة التراث العالمي بمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، في دورته الثامنة والثلاثين التي ستعقد بدولة قطر في يونيو من العام الحالي 2014م. لابد من الإشادة هنا بنجاح مهرجان جدة التاريخية الذي أعاد قلب جدة لقلوب المواطنين الذين استعادوا تراثهم وشعروا بقيمته وحرصوا على توريثه وتسليمه لأبنائهم.والعناية بالتراث الحضاري العمراني تنامى في السنوات الأخيرة نتيجة للجهود الإعلامية والتوعوية والاستثمارية التي تقوم بها الهيئة وشركائها ونتج عنه ما نراه من حراك كبير من الدولة والمواطنين في استعادة الوعي بأهمية التراث الوطني. -ذكر الدكتور عبد الله مناع فيما نقل عنه في المادة المنشورة: " بقيت فكرة ترميم وإحياء (قصر خزام) التاريخي، الذي بناه وعاش فيه الملك عبد العزيز قرابة عشرين عاماً، وضم آثاره ومقتنياته في الحجاز بعد وفاته.. حبراً على ورق، وكلاماً يتمطوح في الهواء!! " ، و نؤكد للأديب الكبير والقراء الكرام أن قصر خزام يحظى بعناية كبيرة من الدولة، وعملت الهيئة العامة للسياحة والآثار على تقديم مشروع كبير لتحويله لمتحف رئيس للتراث الإسلامي منذ عام 1426ه ضمن "برنامج الملك عبد الله للعناية بالتراث الحضاري" الذي أقره مجلس الوزراء، حيث تم استكمال التصاميم الهندسية وإعداد الوثائق اللازمة تمهيداً لتنفيذه خلال السنوات الثلاث القادمة التي هي مدة البرنامج إن شاء الله. -ورد في المادة المنشورة انطباعات للكاتب الكبير عبد الله مناع رأى فيها أن جدة التاريخية لم تحظ بعمل لتهيئتها بالممرات والإنارة، وذلك ما حدا الكاتب لتصحيحه في ثنايا المادة المنشورة إثر زيارته للموقع الذي بقي بعيداً عنه لسنتين ( كما ذكر)، ونود التأكيد أن العمل الذي تم كان نتيجة لجهود مشتركة بين المحافظة و الأمانة والهيئة من خلال تقسيم العمل إلى خمسة مسارات رئيسة، هي: مسار التسجيل في قائمة التراث الثقافي العالمي، ومسار الترميم والتنمية والبنية التحتية، ومسار الاستثمار، ومسار الأوقاف والحكر، ومسار الملاك ، وقد أسهمت تلك المسارات في تنفيذ العديد من الخطوات الإيجابية من أبرزها: تسليم ملف التسجيل لليونسكو، وإحالته إلى المجلس الدولي للآثار والمواقع، وتحديد خبير لزيارة الموقع لتقييمه في الفترة من 22 /9 /2013 م إلى 27 /9 /2013م. وإعداد قائمة بالمشاريع الجاري تنفيذها، والمشاريع المستقبلية، وبرمجتها وإعداد الميزانيات اللازمة لها، والعمل مع وزارة الشؤون الاجتماعية على تمكين الملاك في جدة التاريخية من تأسيس جمعية تحت مسمى مناسب، وكذلك العمل على توفير مصادر تمويل للملاك من خلال بنك التسليف والادخار وصناديق الدولة، وتشجيع الغرفة التجارية على الدخول في المشروع كمستثمر بشكل مباشر، أو من خلال مستثمرين آخرين كشركة الفنادق والضيافة التراثية التي اقرتها الدولة مؤخراً، وإنجاز اتفاق بين الهيئة ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للمحافظة على مباني الأوقاف التاريخية والاستفادة منها، وتقوم الهيئة بالتعاون مع الأوقاف بمنطقة مكةالمكرمة ووزارة المالية بدراسة الخيارات المتاحة للاستفادة من مواقع الأوقاف في جدة التاريخية، والنظر في نزع الملكيات لصالح الهيئة العامة للسياحة والآثار كمواقع أثرية تراثية، ومخاطبة وزارة العدل لتفريغ قاضيين لحل الإشكالات المتعلقة بالملكيات والصكوك القديمة بجدة التاريخية. وختاماً.. نكرر شكرنا لكم وللكاتب الكريم على الاهتمام بمثل هذا الموضوع المهم، آملين نشر هذا الإيضاح في المكان المناسب. وتقبلوا فائق تحياتي وتقديري، مدير عام الإعلام والعلاقات العامة ماجد بن علي الشدي