وبخت الحكومات الغربية بقيادة الولاياتالمتحدةسوريا خلال اجتماع مغلق لعدم تسليمها أسلحتها الكيماوية في المواعيد التي اتفق عليها مع روسيا. وأصبح برنامج تدمير الأسلحة الكيماوية السورية عرضة الآن لتجاوز الموعد النهائي للانتهاء منه تماما في 30 يونيو حزيران. ونجاح البرنامج في مصلحة روسياوالولاياتالمتحدة كليهما لكن المواجهة التي شهدها مقر المنظمة في لاهاي في 30 يناير كانون الثاني تكشف عن خلاف عميق بينهما حول طريقة الرد على عدم تحقيق تقدم من جانب سوريا. ولا تبشر المواجهة الأمريكية الروسية أيضا بخير فيما يخص علاقة المشاركة بين موسكووواشنطن اللازمة للتصدي لتحديات أخرى كبيرة في مجال السياسة الخارجية مثل برنامج إيران النووي ومحادثات السلام السورية في جنيف وزادت مرارة المشاعر مكالمة هاتفية مسربة بين مسؤولين امريكيين بخصوص أوكرانيا. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون إنه ما زال من الممكن الانتهاء من تنفيذ البرنامج في موعده برغم الانتكاسة الاخيرة. **موعد مهم: والموعد التالي في الجدول الزمني هو 31 مارس اذار وينبغي بحلوله الانتهاء من تدمير أشد المواد سمية خارج سوريا على متن سفينة الشحن الأمريكية كيب راي المجهزة خصيصا لهذا الغرض وهي في طريقها الان الى موقع التدمير قادمة من فرجينيا. وقالت إيمي سميثسون خبيرة الأسلحة الكيماوية في معهد مونتيري وهو مركز بحوث بارز في الولاياتالمتحدة "فرص التزام سوريا تزيد إذا تحدثت واشنطنوموسكو بصوت واحد لكن هذا لا يحدث حاليا." واضافت لرويترز "هذان البلدان مهمان للغاية لنجاح نزع السلاح الكيماوي في سوريا فضلا عن التوصل الى تسوية للصراع بمجمله ولذلك نأمل أن يتمكنا سريعا من إيجاد سبيل لحل الخلاف بينهما." ويقول دبلوماسيون إن روسيا تعارض أي آلية تتيح لمجلس الأمن التدخل تلقائيا ضد سوريا إذا اعتبرت مخالفة لالتزاماتها ومن ثم تجد واشنطن نفسها في وضع مماثل لما كان عليه الحال في سبتمبر أيلول عندما هددت بالعمل العسكري في أعقاب هجوم الغاز في اغسطس اب. وتخشى القوى الغربية احتمال أن يكون تعطيل البرنامج من خلال المماطلة يتم عمدا لإتاحة الوقت لموسكو لتزويد دمشق بمعدات عسكرية وتمكين سوريا من الاحتفاظ بأسلحة الدمار الشامل كأداة تفاوضية في محادثات جنيف. وتكتنف هذه العملية منذ البداية صعوبات جمة فقد اضطر مفتشو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى الانتظار أسابيع في قبرص قبل أن يتمكنوا من دخول سوريا لفحص ترسانتها الكيماوية. ووقع هجوم الغاز في 21 أغسطس آب بعد أيام من وصولهم وتعرض بعض المفتشين في وقت سابق لنيران القناصة وهم يحاولون التحقق من مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية. **ضغوط روسية: وبرغم موقف موسكو العلني ، تحثها القوى الغربية على ممارسة ضغوط على دمشق كي تفي بالتزاماتها. وقال نائب وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف إن سوريا تعتزم شحن كمية كبيرة من المواد الكيماوية هذا الشهر وإنها مستعدة للانتهاء من العملية بحلول أول مارس اذار. ومع ذلك يشكو الدبلوماسيون الغربيون من أن الروس لا يبذلون جهدا كافيا لتشجيع الأسد على تنفيذ الاتفاق بينما لا تجد القوى الأخرى رغبة في التهديد بالعمل العسكري خشية إفساد محادثات جنيف. وقال دبلوماسي غربي "ثمة علامات على أن الروس يمارسون ضغوطا عليهم (سوريا) كي ينفذوا الاتفاق" مضيفا أنه إذا أكملت سوريا شحن الكيماويات السامة بحلول أول مارس آذار كما قال الروس "فلا بأس". وترفض واشنطن والحكومات الغربية الأخرى زعم سوريا أنها تحتاج إلى معدات إضافية لنقل الكيماويات بأمان بعد أن تلقت معدات ضمتها قائمة طويلة لتنفيذ المهمة. وللتأخير تداعيات بالفعل على عملية النقل المعقدة التي تشارك فيها قرابة 12 دولة وتتضمن عقودا تجارية لتدمير الكيماويات وعمليات تمويل تشمل عدة ملايين من الدولارات يقوم بها المجتمع الدولي. وقد خصص المجتمع الدولي كثيرا من الموارد لهذه العملية فقدم سفنا ومركبات وافرادا وعشرات الملايين من الدولارات تبرعات لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية والأمم المتحدة. وأرسلت واشنطن حاويات شحن بحري وأجهزة تعقب عن طريق نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) ومركبات مدرعة للمفتشين ومعدات لإزالة التلوث وسفينة شحن مجهزة بأنظمة لمعالجة الكيماويات السامة قيمتها عشرة ملايين دولار. وساهمت الصين بسيارات إسعاف وكاميرات استطلاع وقدمت روسيا البيضاء 13 مطبخا ميدانيا وأرسلت روسيا 75 مركبة للنقل 25 منها مدرعة. وتبرعت الدنمرك والنرويج بسفينتي شحن وزوارق حراسة عسكرية. وعرضت ايطاليا استخدام أحد موانيها. وستتيح ألمانيا وبريطانيا استخدام منشآت للتخلص من النفايات السامة. وقال بان الأسبوع الماضي "تدرك البعثة المشتركة صعوبة الوضع الأمني في الجمهورية العربية السورية لكن تقديرها هو أن (سوريا) لديها ما يكفي من المواد والمعدات لتنفيذ تحركات ميدانية متعددة لضمان سرعة إزالة المواد الخاصة بالأسلحة الكيماوية." وقال دبلوماسي غربي كبير إن الحكومة السورية "تغيظنا" من خلال التلكؤ مع القيام في الوقت نفسه بما يكفي لتفادي اعتبارها مخلة بالتزامها بتدمير برنامج أسلحتها الكيماوية. وأضاف "انطباعنا هو أنهم يديرون هذه المسألة بالتوازي مع محادثات جنيف. كل شيء معطل ولذلك فهم يعطلون برنامج تدمير الاسلحة الكيماوية ليذكروننا" بقدرتهم في هذا الصدد. وردد السفير الأمريكي لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية روبرت ميكولاك هذا الرأي في الاجتماع المغلق داعيا دمشق إلى "القيام بخطوات فورية" لحل هذه المشكلة. وقال السفير "قالت سوريا إن التأخير في نقل هذه الكيماويات يرجع إلى اعتبارات أمنية وتصر على الحصول على معدات إضافية - تدريع لحاويات الشحن وأجهزة إلكترونية للتشويش والتنصت وأجهزة لرصد العبوات الناسفة. هذه الطلبات غير جديرة بأي اعتبار وتكشف عن عقلية مساومة لا عقلية أمنية." بلا جدوى. وفي السادس من فبراير شباط وهو اليوم التالي لانقضاء موعد تسليم كل الكيماويات السامة قدمت رئيسة البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية سيجريد كاج إفادة أمام مجلس الأمن بخصوص المسألة. وقالت أنه لا بد من الإسراع بالتعاون حتى يمكن الوفاء بموعد 30 يونيو حزيران النهائي. وقال دبلوماسي غربي كبير آخر إن من المحتمل أن القوى الغربية تبالغ في تقدير نفوذ روسيا على حكومة الأسد. ومع ذلك تشجع الدول الغربية موسكو على استخدام كل نفوذها على دمشق كي تستأنف الالتزام بالجدول الزمني المتفق عليه في سبتمبر ايلول واكتوبر تشرين الاول. وقال جورجي ميرسكي خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية في موسكو "من مصلحة روسيا بالطبع أن ينفذ الاتفاق. لقد ألقى الرئيس (فلاديمير) بوتين حبل انقاذ للرئيس اوباما في لحظة بالغة الصعوبة." وقد استثمرت الولاياتالمتحدةوروسيا رأس مال سياسيا في عملية التخلص من مخزونات الأسلحة الكيماوية السورية ولم تسلم سوريا سوى 4.1 في المئة من 1300 طن للتدمير.