هناك عدة تحديات تواجه تنفيذ الموازنة العامة .. أولها - أن إعدادها تم على أساس افتراضي لسعر برميل النفط في حدود 85 دولارا، وعلى هذا الأساس تم تقدير مصروفاتها وهو أمر غير مؤكد، في ظل توقعات زيادة العرض على الطلب، نتيجة لتوجهات العراق وإيران وليبيا بزيادة صادراتها، وفي ظل ازدياد إنتاج النفط الصخري في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفي حالة عدم تحقق افتراض تحقيق سعر النفط المطلوب في الموازنة العامة فسيحصل العجز لا سمح الله. الثاني - يتمثل في الرقابة على المصروفات وهو حاليا شبه محصور في وزارة المالية، وكان الأجدى أن تشارك جهات أخرى مستقلة لدعم رقابة وزارة المالية. ثالثا - إعدادها منذ عدة عقود على أساس البنود التي تعاني من عدد من السلبيات، والمطلوب أن يتم إعدادها للأعوام المقبلة على أساس حديث، وهو الأداء والبرامج، وهو اتجاه تتبعه معظم دول العالم. رابعا - ربطها بشكل مباشر بأهداف خطة التنمية الخماسية موازنة 2014 واعدة، كونها تلبي حاجات المواطنين من الخدمات الأساسية، لكنها تحتاج إلى الشفافية والإفصاح في الإنفاق والرقابة الفعالة لإصلاح الانحرافات والمحاسبة عليها. إن أرقام الموازنة ، تشير إلى توازن الإيرادات مع المصروفات، حيث بلغت كل من الإيرادات والمصروفات المتوقعة 855 مليار ريال لكل منهما بدون عجز أو فائض وهذا مؤشر جيد تسعى إليه معظم الموازنات العامة في العالم وأن الميزانيات الفعلية للأعوام العشرة الفائتة حققت فوائض ب 2,08 تريليون ريال، والمملكة من الدول القليلة في العالم التي تحقق فوائض فعلية في موازنتها، وتشكل الموازنة نسبة نمو في النفقات بنسبة 4 في المئة عن العام الفائت تطبيقا للسياسة المالية التوسعية للدولة، حيث يعتبر الإنفاق العام المحرك الرئيسي للطلب الفعال وهو مصدر للنمو الاقتصادي حسب نظرية كينز في الاقتصاد، كما لوحظ أن نسبة الإنفاق الاستثماري فيها تبلغ 45 في المئة، ولكن كان المؤمل أن تصل 50 في المئة لأن الإنفاق الاستثماري يعول عليه لتحقيق النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاج وخلق فرص العمل. وعلى جانب آخر افهم الى حد ما مطالبة بعض الاقتصاديين الوطنيين بضرورة الإسراع في عملية تنويع مصادر الدخل استنادا الى رؤية ان العشرة اعوام المقبلة سوف تشهد عودة انحسار اسعار النفط الخام، اضافة الى ترشيد الانفاق العام، ولكن مراحل التنمية مع خططها السابقة لم تصل لحالة الاكتفاء البنيوي للتنمية، وتبقى المعادلة صعبة وغاية في التعقيد صانع القرار يريد ان تستكمل البنية بما يوازي حجم الوجود البشري على التراب الوطني حتى يواجه متطلبات المستقبل بكثير من الموضوعية وهو مبرر حجم الانفاق المرتفع الذي نعيشه، الأمر يتطلب كثيرا من الجرأة والعزم والرأي السديد، مع تخطيط آمن للمستقبل، ورؤية منهجية لتأمين الاجيال المقبلة .. كل ذلك ممكن بشرط الوقت والفاعلين.