ستظهر نتائج الاختبارات الدراسية قريبا ، ومقالي هذا رسالة خاصة إلى الذين يحصلون على (الجيد والمقبول) في معدل درجاتهم وشهاداتهم ، ولعلهم يمثلون الشريحة الأكثر بين الطلاب ، بل هم ربما يكونوا بعد التخرج الشريحة الأغلب في العمل ومعترك الحياة. هذه الشريحة بالذات نغفل عنها ، وهم بعيدون كل البعد عن اهتمامنا وعن الأضواء ، وأما التقدير والدعم المعنوي الذي يقدم لهم فهو ضعيف وغير فعال سواء في العمل أو في المدرسة قبل ذلك ، ظنا منا أنهم أقل قدرات من المتفوقين وتلك هي المعضلة ، ولذلك وددت أن أحدثهم أولا ، ثم أحدثكم بهذه القصة التي تلامس جزءا مما يعيشون ويعانون خلال مسيرة حياتهم. نشأ في أسرة فقيرة ومعدومة ، وأبوه كان دباغا للجلود ، وعندما بدأ دراسته كان طالبا عاديا جدا ، بل إن معلمه قال عنه : هو طالب طيب وديع ، ولكنه بعيد جدا عن الذكاء ، بمعنى أن نظرة المدرس له قاصرة إن لم تكن مخيبة ، ولكن السر الأهم ما هو نظرته لنفسه ؟ ، فقد كان يقول: أهم كلماتي عندي هي الإرادة ، ثم العمل والصبر. بمثل هذه الروح واصل حياته بعزم حتى استطاع هذا العالم الذي حصل على درجات متوسطة في الكيمياء! أن ينقذ الملايين من البشر حول العالم ، لأنه هو الذي اكتشف التعقيم والتطعيم ، وهو من أوائل الذين أسسوا علم الميكروبيولوجيا (علم الأحياء الدقيقة الطبي). ومازال الفرنسيون يفتخرون به كبطل قومي لهم ، بل هناك معهد في فرنسا للأبحاث باسمه ، ويعد من أهم المراكز الطبية في العالم ، ذلك العالم الذي درجاته في تخصصه جيدة ؟! اسمه لويس باستير. يقول وليم جميس أبو علم النفس الحديث:" إن الفرق بين العباقرة والناس العاديين ليس موهبة فطرية للعقل ، بل الهمة ودرجة التركيز". إذا السر ليس في أن تولد بذكاء خارق ، ولا عبقرية فذة ، بل كل ما تحتاجه هو المواظبة على ما تعشق. قال أبو حنيفة لأشهر تلاميذه أبو يوسف (يعقوب بن إبراهيم) : كنت بليدا ! ، فأخرجتك المواظبة.