النفس الراضية الهادئة القنوعة بما كتبه الله لها ، تتمسك بمبادئ سامية تقف حائلا أمام القيام بسلوكيات منفرة، في الوقت نفسه لا تخلو من سلبيات لكنها مقارنة بالإيجابيات لا تظهر واضحة. وفي كِلا الحالتين فإن هذا لا يمنع أن الشخص مهما كثرت مساوئه لا بد أنه عمل أعمالا إيجابية وتُحسب له في حياته ولا بد أن لديه إنجازات كثيرة، ومن حقه أن يتم ذكرها والتطرق لها ونسبها له، ولكي تتضح الفكرة أكثر سأضرب مثالا على احد المسؤولين أو صانعي القرار والذي عمل سنوات في مهنته وتكونت لديه خبرة في كل تفاصيل عمله وقام بالعديد من الإنجازات للمؤسسة ونفّذ مشاريع ناجحة كثيرة ساهمت في تطّور نهضة البلد إلا أنه لم يكن خاليا من السلبيات مثل قسوته في التعامل أو صرامته في العمل أو عدم تفهمه للأخطاء مثلا، ما أدى ذلك إلى نفور الموظفين أو الناس منه، وعندما يحين وقت تقاعده أو تغيير وجهة عمله أو الاستغناء عن خدماته لا يتم ذكر محاسنه ولا إنجازاته الكثيرة وكل ما يتم تداوله صفاته وسلوكياته السيئة كما أن البعض يتفنن في إضافة البهارات فيزيد من عنده معلومات مغلوطة ليساهم في تشويه سمعة الشخص، وأعتقد أن ذلك إجحاف وظلم في حقه، وقس عزيزي القارئ على هذا المثال كثيرا من النماذج التي مرت علينا أو سمعنا عنها، والمثل نفسه يُطبّق على أحد الأصدقاء الذي قد نختلف معه رغم العلاقة الطيبة التي طالما ربطتنا ببعض، ولأسباب غير واضحة قد يتغير الصديق وللأسف ننسف كل الماضي الجميل والعلاقة الطيبة التي جمعتنا ولا نذكر إلا المساوئ بل نظل نسترجع قصصا كثيرة من أجل تكبير بعض المواقف التافهة فقط لنرى الصفات السلبية ولا نذكر المواقف الجميلة التي تعرضنا لها أو المواقف الإنسانية التي تشاركنا بها!!! الحال نفسه ينطبق على من تربطهم علاقة زوجية ولأسباب قدريّة قاهرة ينفصلون فنجد أن كل طرف يتفنن في إظهار الجوانب السيئة في الطرف الآخر، ولا يتذكرون لحظاتهم السعيدة ولا يشفع لهم أبناؤهم الصغار فيتفنن كل منهم في تشويه صورة الآخر في نظر الكل والأهم في نظر أبنائهم!!! في العلاقات الإنسانية لا بد من الأخذ والعطاء ولا بد من تحّمل الآخرين، والأهم لا بد من ذكر محاسنهم فلا تخلو نفس بشرية من الأخطاء كما لا تخلو من المميزات والمحاسن التي يجب أن تُذكر ومن غير المقبول أن نركز على مساوئ الآخرين ولا نعطي إيجابياتهم حقها، فكما أن كلا منا يسعى لتلميع نفسه ويتمنى أن يذكره الناس بالطيب فعليه أن يبدأ هو ويذكر الآخرين بالطيب أيضاً. * يجب أن يُعطى الآخرون حقوقهم وأن تُذكر إنجازاتهم وتُنسب إليهم، كما يجب علينا كنفس بشرية التّدرب على رؤية الإيجابيات وغض النظر عن السلبيات وعدم تضخيمها، والكف عن النميمة المسيئة للآخرين وتشوية ماضيهم، وتذكروا دائماً أن أحدا منا لا يقبل أن يُذكر بالسوء فاحرصوا على ذكر الناس بالطيب!!!!