يظل مبدأ العنف مرفوضاً داخل الأسرة والمجتمع كمنظومة متكاملة.. ناهيك عن منعه ايضا داخل المؤسسات الحكومية دون مسوغات مشروعة ذات أحكام قضائية محددة تنطلق من مواد نظامية في بنودها وفقراتها.. وطبقاً للحالة المنظورة. وهنا برزت حقوق الإنسان كشعار دولي للحماية من الظلم في هذا الجانب لتمتد إلى الحماية في كثير من الممارسات ونشر الوعي داخل البلدان من أجل الانصاف واعطاء الحقوق. لكن ان يتحول المشروع الى حماية العبث سواء كان ضد أمن الدولة أو المجتمع أو الاسرة بحجة ذلك الشعار المؤثر في سلبياته فان ذلك لا يعطي نتائج حميدة بقدر ما يحمي التجاوزات وينال من الانضباط المجتمعي بكل اخلاقياته خاصة في البلدان العربية التي تعودت على منهج تربية اجيالها من خلال الانضباط وسلوكيات الأخلاق الدينية والاجتماعية.. في جوانبها الحميدة. وهنا اختلف مع مضمون رسالة هاتفية تم توزيعها في المملكة في نهاية الأسبوع الماضي تطلب فيها حقوق الإنسان في جانبها الخاص بالحماية من العنف الأسري أن يتصل بها من يتعرض الى العنف من أطفال الأسرة أو بما معناه من يريد الابلاغ عن حالة من هذا النوع!! وهنا نتوقف عند المشروع بكل فصوله في جانبه التربوي. ولابد أولاً ان نتفق على انه لا يمكن ان يكون هناك أحرص من الأب والأم ومن في حكمهم من الأسرة على أبنائهم وبناتهم. ولا يمكن أن يكون هناك شيء من العقاب دون أسباب. كما ان نوعية ذلك العقاب ان حصل يكون محدوداً.. وأحياناً يكون تهديداً غير قابل للتنفيذ.. ولكنه يهدف في مجمله الى التقويم سواء في التحصيل الدراسي أو السلوكي الأخلاقي داخل أو خارج المنزل . الى آخر الأخطاء التي يمكن ان يؤدي استمرارها الى خلل يدفع الاطفال ثمنه عند تجاوز مرحلة عمر المراهقة. وهنا يكون العقاب المحدود أو التلويح به افضل من ان يصل المراهق والمراهقة الى مسافة اللاعودة. ومن ثم يقع أحدهما أو كلاهما في قبضة العقاب القانوني ويجد عند الآخرين ما لن يجده من الحميمية داخل الاسرة. وبالتالي فإنني أعتقد ان شعار الحماية الاسرية من العنف يحتاج الى حملة توعية تنشر مفهوم العنف الحقيقي في حجمه وممارساته وأسبابه داخل المجتمع. وذلك من خلال المحاضرات والندوات ووسائل الاعلام. وحتى لا نجتهد كثيراً في الحماية المفرطة والمطلقة للجيل من الاخطاء في مصادرة للتربية الاسرية المقننة والبعيدة عن التجاوز. وحتى لا نكون قد فرضنا جيلاً "متمرداً ومنفلتاً" وعاقاً داخل الأسرة والمجتمع كما هو حال بعضه داخل المدرسة بحجة حقوق الإنسان والحماية من العنف وهو شعار أطاح بهيبة المعلم وجعله عرضة للضرب من الطالب أحياناً!!