عندما يتوقف اطلاق النار في قطاع غزة في نهاية المطاف فإن سؤال "من المنتصر؟" سيكون مرتبطا بشكل كبير بالقتل والدمار. ولن تستطيع لا اسرائيل ولا حماس ان تجيب عليه بشكل حاسم او فوري. وتقول اسرائيل انها شنت هجومها يوم 27 ديسمبر لوضع نهاية دائمة للصواريخ وقذائف المورتر التي تطلقها حماس عبر الحدود على بلدات ومدن في جنوب اسرائيل. ولكن بعد اسبوعين من القتال لا تزال الصواريخ التي اطلق منها اكثر من 4000 منذ عام 2001 تسقط على اسرائيل حتى ولو كانت باعداد اقل بكثير عما كانت عليه قبل اسبوعين. وتعتقد اسرائيل انه ما زال بمقدور الفلسطينيين اطلاق 200 صاروخ يوميا. وربما يتم ابرام اتفاق لوقف اطلاق النار توافق بموجبه حماس على وقف اطلاق الصواريخ لكن فرص صمود هذا الاتفاق للابد كما تريد اسرائيل تكاد تكون معدومة تقريبا فهناك جماعات فلسطينية مسلحة اخرى في غزة قد تنتهك الاتفاق وتشعل الصراع من جديد. وتريد اسرائيل ايضا وضع "آلية" لمنع تهريب الاسلحة الى غزة من مصر وبالتالي تحرم حماس من الحصول على المواد التي تستخدم في صنع الصواريخ. ولكن لم يتضح كيفية تحقيق هذا ناهيك عن رفض القاهرة لنداءات بنشر قوات دولية على جانبها من الحدود. ولهذا فانه اذا لم تستطع اسرائيل القضاء على حماس او وقف اطلاق الصواريخ بشكل دائم فما الذي يمكن ان تبرره عن اسابيع من القتال الذي حصد ارواح نحو 900 فلسطيني و13 اسرائيلياً وعن الادانة الدولية التي انهالت على الدولة العبرية؟. وفي حين يقر المحلل الامني الامريكي انتوني كوردسمان بحاجة اسرائيل لمعالجة التهديدات الصاروخية من حماس الا انه يقول بان الاستراتيجية التي تتبعها اسرائيل قد تأتي بنتيجة عكسية. وكتب في مقال لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يقول "ليس واضحا ان المكاسب التكتيكية تستحق التكلفة السياسية والاستراتيجية التي ستتحملها اسرائيل." وتساءل "هل ارتكبت اسرائيل حماقة ما بالدخول في حرب تتصاعد بشكل مطرد دون ان يكون لها هدف استراتيجي واضح او على الاقل هدف واحد تستطيع ان تحققه بشكل حقيقي." وبالمثل لا تستطيع حماس ان تعلن انها حققت فوزا مطلقا سواء الان او عندما تصمت اصوات الاسلحة لكنها ربما تصف نفسها بانها استطاعت رغم انها الطرف الاضعف ان تصمد امام قوة الجيش الاسرائيلي المزود باحدث التكنولوجيا والمدعوم من الولاياتالمتحدة وتنال الثناء عن ذلك. ولكن بالنسبة لكل الفلسطينيين في غزة الذين سيشعرون بالفخر تجاه المقاومة التي ابدتها حماس فان اخرين سوف ينظرون الى المباني المدمرة والقبور الجديدة التي حفرت ويتساءلون عما اذا كان الامر يستحق. وعندما اجرى الفلسطينيون الانتخابات التشريعية في اوائل 2006 تغلبت حماس على منافستها حركة فتح التي كانت لها الهيمنة لوقت طويل واثيرت انتقادات مفادها ان فتح تلوثت بالفساد والاخفاق في تلبية احتياجات 3.9 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. وعلى الجانب الاخر كانت حماس موضع تقدير على نطاق واسع بسبب اعمالها الخيرية ونزاهتها.