تطمح مدينة دوز التي تقع على بعد نحو 500 كلم جنوبي العاصمة التونسية والمسماة «بوابة الصحراء» الى ان تصبح قطبا ثقافيا وسياحيا لما تتميز به من مخزون ثقافي وحضاري ضارب في القدم. وعكس مهرجان الصحراء الدولي الذي انطلقت فعالياته الخميس في هذه المدينة الصحراوية الصغيرة رغبة المنظمين في صون الموروث الشعبي وتنشيط السياحة الصحراوية. واكد وزير السياحة التونسي خليل العجيمي لوكالة فرانس برس أن المهرجان يهدف «الى الترويج للمخزون الثقافي والحضاري الثري لسكان الصحراء التونسية ولتحويل الانظار الى هذه المنطقة الصحراوية البعيدة عن الشريط الساحلي الذي يكاد يكون الوجهة الوحيدة للسياح طيلة مواسم السنة». ولفت الوزير الى ان «السياحة الصحراوية حدث شتوي ينطلق مع بداية فصل الخريف وينتهي بقدوم فصل الربيع وقد بدات تنشط في هذه الربوع في الاعوام الاخيرة لما تنفرد به من منتوج سياحي يصعب تقليده». وقال عادل المترب عضو الهيئة المديرة للمهرجان للصحافيين ان «المهرجان محاولة للمحافظة على التراث والتحسيس باهمية الحفاظ على تاريخ الاجداد وتجذير الهوية ولكي نقول للعالم إننا نحقق ذاتنا بتراثنا وأصالتنا». وتشكل هذه المناسبة بالنسبة للشاب مراد عكاس «فرصة لايجاد فرص عمل لسكان هذه الجهة» التي تفوق فيها نسبة البطالة المعدل العام في البلاد (14 بالمائة). وشهد اليوم الاول للمهرجان الذي يقام منذ قرابة مئة عام احتفالية كبيرة قدمت خلالها فرق الفنون الشعبية امام نحو 75 الف متفرج من بينهم سياح عرب واجانب احتشدوا في ساحة حنيش وسط المدينة، لوحات راقصة تحاكي اوجه الحياة اليومية في الربوع الصحراوية التي تشكل دوز بوابتها الرئيسية. وعكست اللوحات المقدمة عادات وتقاليد البدو الرحل الراسخة في القدم ومنها العرس التقليدي وكرة المعقاف وهي رياضة تمارس في الصحراء التونسية ويستخدم فيها المتبارون جذع عرجون النخلة (الكرناف) لرمي الكرة المصنوعة من جلد الماعز وعراك الفحول الذي يشبه الى حد بعيد رياضة مصارعة الثيران في اسبانيا والصيد بكلاب السلوقي التي باتت تحظى بعناية كبيرة في السنوات الاخيرة بهدف المحافظة عليها من الانقراض. وانبهر المتفرجون بسرعة انقضاض السلوقي على فريسته التي نادرا ما تفلت من براثينه فتتعالى من فوق المدارج صيحات الاعجاب والتصفيق على غرار ما يحصل في مباريات كرة القدم. واستمتع الحضور كذلك بالعروض الفولكلورية ولوحات الفروسية وركوب الخيل التي قدمتها فرق من ليبيا والاردن والجزائر والمغرب والامارات وفرنسا وايطاليا واليابان. واشتمل المهرجان ايضا على معارض للصناعات التقليدية وانواع التمور والاعشاب الطبية والفنون التشكلية اضافة الى ايام شعرية تحت عنوان «المروءة وعزة النفس والاعتماد على الذات». واقيمت على هامش المهرجان ندوة فكرية دولية حول «السياحة الثقافية والطبيعة في الصحراء .حوار بين الشعوب» بمشاركة باحثين من العراق وفرنسا والنيجر وغامبيا. وخرجت دوز التي تعني بالبربرية «الربوة الخضراء» الى دائرة الضوء مع انطلاق المهرجان الذي يعد اعرق التظاهرات الثقافية في تونس الذي كان يعرف في بدايته في عام 1910 ب «مهرجان الجمل».