تبحث كل الدراسات التربوية عن كيفية تحويل الوقت الذي يمضيه الطفل في المدرسة إلى متعة حقيقية، وفائدة أكيدة، وبالتأكيد تقع الوجبة التي يتناولها الطفل في المدرسة في إطار هذا المفهوم، فهناك خبراء يقولون: إن «الساندوتش» التقليدي أصبح يحتاج إلى تطوير وإبداع، بحيث تتحول الوجبة إلى أشكال أكثر جاذبية للطفل. وهناك دراسات تقول: إن الأطفال يصابون بالملل من شكل «ساندوتش» الجبنة أو البيض أو المربى التقليدي، وربما أصبحنا في حاجة إلى خبراء في التغذية والعلوم السلوكية يشرحون لنا ما هو شكل الوجبة المناسب للطفل الذي أصبح هدفاً للمنافسة بين المطاعم التي ابتدعت له ما يسمى «بالهابي ميل» وخلافه. وقد أكدت دراسة حديثة أن هناك علاقة وثيقة بين التحصيل الدراسي والتغذية، فكلما كان النظام الغذائي متوازناً وصحياً كلما زادت معدلات الفهم والاستيعاب والتركيز، ورغم هذه الحقيقة العلمية إلا أن هناك الكثير من الآباء والأمهات ممن ليس لديهم الوعي الكافي بهذا الأمر، حيث أثبتت دراسة سابقة أن 85% من الطلاب في مراحل تعليمية مختلفة يتناولون غذاءً غير صحي مما يؤثر بشكل سلبي على نشاطهم الذهني، ويسبب ضعف تحصيلهم الدراسي. وأجريت هذه الدراسة على مجموعة من تلاميذ المدارس الخاصة وقد شملت 50 تلميذاً من الصف الخامس الابتدائي و70 تلميذاً من الصف الثاني الإعدادي و30 تلميذاً من الصف الأول الثانوي، وكان الهدف منها هو استبيان العادات الغذائية المختلفة في هذه الفئة من المجتمع وعلاقتها بالتحصيل الدراسي والحالة الصحية وزيادة الوزن، وقد تم عمل فحص شامل وأخذ القياسات وعمل استبيان لتقييم التحصيل الدراسي والعادات الغذائية والاجتماعية المرتبطة بالغذاء لكل التلاميذ المشاركين في البحث. وقد توصلت نتائج البحث إلى أن معظم التلاميذ لا يتناولون وجبة الإفطار، ولا يأخذون كميات كافية من الخضروات والفاكهة واللبن والخبز الأسمر، وتبين أن 85% من الطلبة يتناولون الطعام أثناء مشاهدة التلفزيون، وهي عادة خاطئة تؤدي إلى الإفراط في كميات الطعام، كما وجد أن هؤلاء الطلبة يتناولون وجبات غذائية غير صحية تعتمد على تناول المقرمشات والسكريات والمياه الغذائية. ولأن النواحي الشكلية والطعم والمذاق دائماً ما تجذب الطفل في الوجبة التي يريد تناولها، فإنه من الواجب احترام هذه الرغبات من خلال الاهتمام بتغليفها بشكل يحبه ويقرب إلى ذهنه طريقة تغليف مطاعم الوجبات السريعة التي يتفنن بعضها في ذلك فضلاً طبعاً عن المذاق الذي يحبه والتغيير المستمر في شكل هذه الوجبات، حتى لو ابتعدت عن السندوتش التقليدي، مثل عمل وجبات خفيفة في علب بلاستيكية صغيرة، ويكون استعمالها سهلاً بالنسبة لأطفال "الكى جي"، أما السن الأكبر فيكون التعامل معهم أكثر سهولة، والمهم التأكيد أن الوجبة المدرسية هي جزء من تحويل الوقت الذي يمضيه الطفل في المدرسة إلى متعة حقيقية. كما أظهر تقرير جديد أصدره البنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي، أن برامج التغذية المدرسية في البلدان الفقيرة تساهم في زيادة نسبة الحضور بالمدارس، وتساعد الأطفال على التعلم بصورة أكثر فاعلية، وتحفز على تحسين الأداء داخل الفصول الدراسية، لا سيما عند الجمع بين هذه البرامج وإجراءات أخرى مثل مكافحة الديدان (الديدان المعوية التي تنقلها التربة)، أو تقديم وجبات خفيفة وقطع بسكويت مزودة بالمغذيات الدقيقة أو مكملات الفيتامينات. وفي الكثير من البلدان، تعد برامج التغذية المدرسية من بين الحوافز الرئيسة لالتحاق الأطفال – لا سيما الفتيات والأطفال الأشد فقراً وحرماناً - بالمدارس، إلى جانب إلغاء المصروفات الدراسية وبرامج التحويلات النقدية المشروطة. ويشير التقرير إلى أن تقديم الوجبات المدرسية للأطفال من الأسر المؤهلة قد يعادل إضافة عشرة في المائة إلى دخل الأسر في المتوسط.