كان صديقي يسكن في بيت صغير في حي عشوائي وكان راضيا وسعيدا خالي البال، وجاءت التوسعة حول الحرم المكي الشريف لاضافة ساحات كبيرة حول الحرم وكان بيت صديقي ضمن مشروع التوسعة وقدم الاوراق الثبوتية ثم سارت المعاملة واخذت مجراها ثم فوجئ صديقي ان قيمة عقاره قدرت بعدة ملايين من الريالات وتم تعويضه واستلم المبلغ من الدولة واودعه في البنك واصبح صديقي مليونيرا كثير التفكير كيف يتصرف في هذا المبلغ الكبير هل يشتري عمارة كبيرة هل يشتري اراضي هل يتاجر في المواد الغذائية او هل يتاجر في مواد البناء او هل يشتري اسهم هل . هل . هل، واصبح كثيرا التفكير كثير السؤال حتى ان ساعات نومه قلت ولم يعد يهتم بصحته كثيرا ثم لم يلبث ان سقط مريضا، وقال لي ان كثرة المال تصيب الانسا بالارق والمرض ومن كثرة التفكير والبحث على حساب صحته . قلت له هل تقبل نصيحتي قال هات ما عندك، قلت له قسم المبلغ ثلاثة اقسام قسم اشتري به عقارا جديدا لتسكن فيه وتستثمره وقسم آخر ادخله في بناء مسجد كصدقة جارية لنفسك وقسم تصدق به على اهلك واقاربك المحتاجين والفقراء والمساكين المسلمين - استحسن صديقي الفكرة ونفذها واصبح الآن سعيدا وفي صحة جيدة. قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم "والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما" الفرقان 67. وقال سيد البشر اجمعين رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يكن من خير فلن ادخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يعنه الله، ومن يتصبر يصبره الله. وما اعطى احدا عطاء خيرا واوسع من الصبر). وقال علي بن ابي طالب رضي الله عنه: دع الحرص على الدنيا وفي العيش فلا تطمع ولا تجمع من المال فلا تدري لمن تجمع وقال ابوالعتاهية: قد شاب رأسي وراس الحرص لم يشب ان الحريص على الدنيا لفي تعب وقال المتنبي: ومن ينفق الساعات في جمع ماله فخافه فقر فالذي فعل الفقر وقال المثل العربي : الحريص محروم. فياسادة ياكرام دعونا نعلم ابنائنا عدم التفرغ لجمع المال فقط في هذه الدنيا الفانية وتذكرهم بقول الله تعالي: (وتقول يا ليتني قدمت لحياتي) وصلى الله على نبينا محمد وعلى اهله وصحبه.