مشكلة الطفل الأوسط هي مشكلة تعاني منها الكثير من العائلات اليوم، ويشكو الكثير من الآباء والأمهات من سلوكيات وليدهم الأوسط رغم أنهم السبب في حدوث تلك المشكلات السلوكية وتفاقمها، وإلا لما ظهرت تلك المشكلات في ابنهم الأوسط دون باقي الأبناء، فالابن الأوسط يدفع ثمن أخطاء تربوية كثيرة يقع فيها الوالدين في حقه فتظهر في تصرفاته مع المحيطين به، وعلاقاته بإخوته بالتحديد، وينظر الكثيرون له على أنه الطفل الأكثر جرأة وغيرة والأقل ثرثرة بين أشقائه، وذلك وفقاً لأحدث الدراسات الطبية الصادرة عن جامعة "ستانفورد"الأمريكية. وأوضحت الأبحاث التي أجريت على مجموعة من طلاب الجامعة الذين طلب منهم استيفاء استبيان حول ترتيبهم في الأسرة مع تدوين عدد من سمات شخصياتهم وعاداتهم الاجتماعية وميولهم النفسية، وأشارت التحليلات إلى أنه على الرغم من أن الابن الأوسط غالباً ما يعاني من التجاهل والإهمال غير المقصود إلا أن ذلك يدفعه إلى السعي وراء استقلاليته والبحث عن إثبات الذات بعيداً عن سيطرة الأسرة ليصبح أكثر استقلاليه مقارنة بأشقائه. ويرى الخبراء والتربويون أن الطفل الأوسط قد يتعرض للظلم ويشعر به بسبب عدم اهتمام والديه به، فيما يبقى الدلال من نصيب الطفل الأول، ويلبون له طلباته كلها، كذلك الأمر مع الطفل الأصغر في العائلة حيث يحظى بالدلال فيما يبقى الطفل الأوسط بعيداً عن أولويات اهتمامهم، ومن الأمور التي تجعل الطفل الأوسط يشعر بالظلم حينما يتعارك مع الطفل الأول حول بعض الألعاب، وخصوصاً حينما تعطي الأم اللعبة للطفل الأكبر بحجة أنه الأكبر وأنه أحق بها، ويشعر بالظلم أيضاً حينما تعطي الأم اللعبة للطفل الأصغر بحجة أنه الأصغر وأنه لا يدري ما يفعل وهكذا. ومن خلال بحث أجري بجامعة متشجان بالولايات المتحدةالأمريكية، وجد أن 65% من الأمهات ونحو 70% من الآباء يفضلون الطفل الأكبر، ويعزون ذلك لما يحمله طفلهم الأول من ذكريات ترجعهم للعلاقة الحميمة التي تجمع بينهما، حيث يشعرون بأنه عبارة عن تتويج للعلاقة الزوجية الكريمة التي تجمعهما، وهكذا يحظى الطفل الأكبر بالاهتمام والطفل الأصغر بالدلال بينما يضيع الطفل الأوسط في زحمة السير. وينصح الخبراء بضرورة أن يهتم الأبوان بكل أطفالهم بأعمارهم المختلفة، وأن يولوا انتباههم لكل طفل ويحاولوا الاهتمام برغباته وهواياته بجانب العمل على حل جميع المشاكل التي تواجهه، وأن يعلموا أولادهم احترام الأصغر للأكبر، ويعلموا الأكبر احترام رأي الأوسط أو الأصغر إذا كان صحيحا، ويمنحوا حبهم وحنانهم لكل واحد من أولادهم بحيث يشعر بأنه محط الاهتمام والتقدير. كما يجب على الوالدين التعامل مع كل طفل من أبنائهما، وفق مطالب مرحلته السنية بغض النظر عن ترتيبه في الأسرة، وهذا يتطلب وعيا تربويا وقراءة خصائص كل مرحلة سنية، وكيفية التعامل معها بشكل تربوي, والعمل على إيجاد نوع من أنواع التوازن بين الابن الأوسط وإخوته الكبير والصغير من حيث المعاملة، فلا نبالغ في التعامل مع الابن الأوسط على أنه صغير بالمقارنة بأخيه أو أخته الكبرى، ولكن نحاول تنمية دافع الاستقلال لديه، دون التسفيه من أفعاله وآرائه وأقواله، وكذلك عدم المبالغة في التعامل معه على أنه أكبر بالمقارنة بأخيه أو أخته الصغرى، فهو طفل وما زال في حاجة للمداعبة واللعب والمرح.