رسخ رئيس جنوب السودان سلفا كير دعائم سلطته في البلاد بعزل أبرز منافسيه السياسيين إلى جانب إقالة حكومته بالكامل لكنه يواجه خطر تقسيم الدولة الأفريقية المنتجة للنفط في وقت يتصاعد فيه التوتر مع السودان خصمه إبان الحرب الأهلية. وأقال كير نائب الرئيس ريك مشار وكبير مفاوضي جنوب السودان باقان اموم وكبار المسؤولين في الحركة الشعبية لتحرير السودان الذين لمحوا إلى أنهم قد ينافسون كير على زعامة الحركة قبل الانتخابات العامة المقررة في 2015 . وقال محللون إن الخطوة التي أقدم عليها كير تهدف لإنهاء اقتتال يتزايد داخل الحركة التي قادت البلاد نحو الاستقلال في عام 2011 بعد اتفاقية السلام التي أنهت واحدة من أطول الحروب الأهلية التي خاضتها الحركة مع الخرطوم. وأعاقت الخلافات داخل الحركة الحكومة في وقت تشهد فيه مواجهة جديدة مع السودان حول تدفق النفط والإحباط بين الناس العاديين الذين كانوا يتلهفون على "عائدات النفط" بعد انتهاء الحرب في عام 2005 .ورغم ان حكومة جوبا كسبت ما يزيد على عشرة مليارات دولار من مبيعات النفط منذئذ إلا أن الحكومة لم تشيد مستشفيات جديدة أو محطات للطاقة بينما غابت معظم الخدمات الأساسية عن المناطق الريفية.لكن استبعاد كير لاثنين من أكبر منافسيه وإقالة حكومته بالكامل يهدد بالخطر توافقاً هشاً بين القبائل الرئيسية وزعماء الميليشيات الذين يسيطرون على البلاد التي تعادل فرنسا من حيث المساحة. وقال معهد سود وهو مركز أبحاث محلي في جنوب السودان :"إذا استمر الصراع الحالي على السلطة داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان ولم يهدأ فمن المؤكد أنه يحمل تبعات بعيدة المدى." وأضاف المعهد في تقرير :"هذه (العواقب) قد تشمل تصدع الحزب أو فشل الدولة أو ربما فرصة بعيدة لظهور ديمقراطية حقيقية متعددة الأحزاب." وقال المعهد إنه بينما لا تزال المؤسسات ضعيفة فإن الانقسامات داخل الحزب قد تحدث وفقاً للخطوط العرقية مما يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية جديدة في أسوأ الحالات. والاستقرار في جنوب السودان ليس جوهرياً فقط لمشتري النفط في الصين والهند وماليزيا وإنما أيضاً بالنسبة لجيرانه في شرق أفريقيا إثيوبيا وكينيا وأوغندا التي استضافت فيضاً من اللاجئين إبان الحرب الأهلية. وكان كير يرأس حكومة تضم 29 وزيراً وواحداً من أكبر المجالس النيابية في العالم يضم زعماء قبائل ورفاق كير من القادة ابان حقبة حرب العصابات ممن كانوا يتقاتلون خلال الحرب الأهلية. ونجح كير في ضم وزراء اقوياء مع ميليشياتهم إلى صفه لكنه غض الطرف في الوقت ذاته عن حالات فساد على الرغم من وعود علنية باسترداد أربعة مليارات دولار افادت أنباء بأنها "نهبت" من خزانة الدولة لصالح مسؤولين حكوميين. وكان كير يحبذ زعماء الميليشيات عن التكنوقراط لانه يضمن ولاءهم على الرغم من أن أصحاب الكفاءات كانوا الأفضل فيما يتعلق ببناء مؤسسات الدولة. لكن بعد توقف انتاج النفط 16 شهراً ونية السودان اغلاق خطي أنابيب التصدير عبر الحدود - ما لم يتوقف جنوب السودان عن دعم المتمردين في الأراضي السودانية - جفت الموارد المالية لجنوب السودان وهو دولة حبيسة فيما نفد صبر الجهات المانحة. وقال دبلوماسيون إنه خلال الأشهر القليلة الماضية لم يتسن للسلطات صرف رواتب العاملين بالجهاز الإداري للدولة إلا بعد وصول قروض من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي اقترنت بشروط غير رسمية تتعلق بالحكم الرشيد. وفي خطوة أولى قرر كير تقليص عدد الوزارات إلى 19 وزارة في التشكيل المزمع الذي لم ينتهي منه بعد. وقال بيونج دنج كول وهو زميل في كلية كنيدي بجامعة هارفارد: "اثبت الانتقال من حرب التحرير إلى مرحلة الحكم أنه ينطوي على تحديات كبيرة." وأوصى كول الرئيس بأن تضم الحكومة القادمة شخصيات جديدة من التكنوقراط تتسم بالكفاءة. إلا أن تحجيم الانفاق على شراء الولاء - ومن بين صوره تخصيص عربتين فارهتين لكل مسؤول كبير - قد يثير الاستياء داخل صفوف حزب كير مما أوجد توجهاً خلال الأشهر القليلة الماضية اتسم بأن قلب بعض حكام الولايات ظهر المجن لكير.