تعد مشكلة الكذب عند الأطفال من أبرز المشكلات المنتشرة على مستوى واسع، وهي ظاهرة يجب التعامل معها من قبل الآباء والأمهات بصورة جدية ومسئولية مباشرة، وألا يتركوا أبناءهم عرضة لها ولمضارها وأخطارها الاجتماعية، فجميع الآباء يرغبون دوماً أن يتحلى أطفالهم بالأخلاق الحميدة، ويتجملون بمكارم الأخلاق، وحسن التصرف والمعاملة ضمن المعايير التي علمها لنا الدين الإسلامي الحنيف. هذا ويجب علينا أن نفرق بين أنواع الكذب كي نستطيع معالجته لدى الطفل فهناك: 1- الكذب الخيالي: وهو غالباً ما يكون لدى المبدعين أو أصحاب الخيال الواسع، فالطفل قد يتخيل شيئاً ويحوله إلى حقيقة، ويبدأ في التعامل معه على هذا الأساس. 2- الكذب الالتباسي: وفيه يختلط الخيال بالحقيقة لدى الطفل، فلا يستطيع التفريق بينهما لضعف قدراته العقلية، فقد يسمع قصة خرافية فيحكيها على أنها حقيقة ويعدل في أشخاصها وأحداثها حذفاً وإضافة وفق نموه العقلي. 3- الكذب الانتقامي: وغالباً ما ينشأ عند التفريق وعدم العدل بين الأولاد، سواء في المنزل أو في المدرسة، فقد يعمد الطفل إلى تخريب أو إتلاف شيء ما، ثم يتهم أخاه أو زميله، والغالب أن الاتهام هنا يوجه لأولئك الذين يحظون بتقدير واهتمام زائد أكثر من غيرهم. 4- الكذب الوقائي: وهو الذي يلجأ إليه الطفل نتيجة الخوف من عقاب يخشى أن يقع عليه، سواء أكان العقاب من الوالدين أو من المعلم، وهذا النوع يحدث في مدارس البنين أكثر منه في مدارس البنات، وهو يحدث غالباً في البيئات التي تتسم بالقسوة في التربية وتكثر من العقوبة. 5- كذب التقليد: حيث يرى الابن أو البنت أحد الوالدين يمارس الكذب على الآخرين فيقلدهم في ذلك، ويصل الأمر في مثل هذه الأحوال إلى أن يمارس الطفل الكذب لغير حاجة بل تقليد للوالدين. ويرى الخبراء ضرورة التمييز بين الأطفال بالمعاملة حسب عمر وعي الطفل، فعلى الأهل مراعاة سن الطفل في فهم ووعي الأمور؛ فإذا كان ما دون سن الرابعة، فهو لا يعي، ولا يستوعب ما يوجه له من نقد، أو مدح من الأهل بشكل صحيح، إلا أنه ابتداءً من الخامسة وما فوق، يكون أكثر فهماً ووعياً وتقبلاً للشرح والنقد والتوبيخ. ويضع التربويون مجموعة من النصائح والإرشادات في كيفية التعامل مع كذب الأطفال، وهي كالتالي: أولاً - على الأهل أن يبدءوا بتوعية أطفالهم بطريقة صحيحة وسلسة، سهلة الفهم، بادئين ب: 1 - تبسيط معنى كلمتي صدق وكذب، كقول: «الصدق هو قول الحقيقة»، و«الكذب هو قول غير ذلك». 2 - ذكر فضائل الصدق وثوابه من خلال قصص عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- والصحابة، وترغيب الطفل في قول الصدق ومكافأته عليه. 3 - شرح الكذب، وذكر نصوص من القرآن والسنة النبوية، وكذلك القصص، وتعريف الطفل بعواقب الكذب وخطورته، وأنه سبب في كراهية الناس للكاذب وعدم ثقتهم فيه. 4 - تمثيل ذلك أمامه؛ كأن يعطى هدية أو يثنى عليه لقوله الحقيقة، أو معاقبة أحد أمامه؛ لأنه لم يصدق في القول، بحرمانه من شيء محبوب. 5 - توجيهه بأنه قادر على تصليح موقف حصل أمامه عندما يرى أحد الكبار من حوله يكذب؛ بأن يقول بأدب وجرأة على سبيل المثال: «هذا الكلام يا أبي غير صحيح»، أو: «أنت لم تخبر بالحقيقة». ثانياً - التدرج بالعقاب : 1 - مواجهة الطفل بالحوار، وتوجيهه بأنَّ فعله لا يجوز وينفر الناس من حوله، ولن يصدقوا منه كلاماً إذا تكرر هذا الأمر عند اكتشاف أنه كذب للمرة الأولى. 2 - عقابه بطريقة بسيطة، كما كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وذلك بالإعراض عنه وتجاهله؛ حتى يفهم أنه قام بتصرف غير مقبول. 3 - إن تكرر ذلك؛ فيزيد العقاب عليه؛ بأن يحرم من شيء يحبه في ذلك اليوم، أو يُحمد أحد ويكافأ أمامه. 4 - إن تمادى بعد ذلك، فعلى الأهل أن يعلموا أن هناك خللاً ما، ربما يكون كذبه نابعاً عن خوف من شيء ما، أو اقتداء بشخص ما، أو نقص بالفهم، أو رغبة في لفت الانتباه، أو رغبة في الحصول على شيء ليس له، وفي هذه الحالة، يجلس الوالد أو الوالدة مع الطفل ليفهما سبب كذبه، وعلاج سبب الحالة.