انطلقت فعاليات منتدى حوار الشباب السعودي - الإسباني في العاصمة الإسبانية "مدريد"، التي بدأها وفد الشباب بزيارة قصر "الباردو"، وهو المقر الذي أطلق منه خادم الحرمين الشريفين مبادرته التاريخية للحوار بين الأديان والثقافات، حيث تأتي فعاليات هذا المنتدى تجسيداً لتلك المبادرة الكريمة. وقد افتتح سمو الأمير "خالد بن سعود بن خالد" - مساعد وزير الخارجية - أعمال المنتدى، بحضور سمو الأمير "منصور بن خالد بن عبد الله الفرحان" - سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة "إسبانيا" - في مقر بيت العرب في "مدريد"، بمشاركة الوفد السعودي الذي يرأسه وكيل وزارة الخارجية للشئون الاقتصادية والثقافية الدكتور "يوسف بن طراد السعدون" والوفد المرافق، ومسئولون من الجانب الإسباني. وتتركز فعاليات المنتدى حول الهوية العمرانية والمحافظة عليها وأهميتها في السياحة والاستثمار، وتسليط الضوء على الأنظمة العمرانية وقوانينها، وما يتعلق بها، للحفاظ على التراث والثقافة في "المملكة العربية السعودية" ومملكة "إسبانيا". كما زار الوفد مدينتي "طليطلة" «توليدو» و"قرطبة"، اطلعوا خلالها على الآثار الإسلامية في جوامع وحصون ومباني هاتين المدينتين، التي يعود تاريخها للعهد الإسلامي في "الأندلس". وقد هدف برنامج الزيارة لبيان قدرة الحكم الإسلامي آنذاك على جمع أكثر من ثقافة ودين تحت لوائه، وضمانه للتعايش السلمي بين أتباع الأديان والثقافات، مع حضور التطور والرقي في جميع المجالات. وتجول الوفد في جامع "قرطبة"، وشاهد معالمه التي ظلت شامخة لمئات من الأعوام، مطلعاً على الكتابات الإسلامية التي استخدمت لزخرفة أعمدة وأروقة وساحات الجامع. كما زار الشباب السعودي عقب ذلك متحف مدينة الزهراء الواقع في المدينة التاريخية ودار الخلافة في ذلك الحين، التي تعود إلى أوج عصر الخلافة الأموية في الأندلس، حيث شاهدوا معروضات ومقتنيات المتحف الذي يحتوي على مجموعة من القطع الأثرية من تلك الحقبة، والتي تحكي حضارة وإبداع وفن العمارة الذي اشتهر به المسلمون في "إسبانيا". وشملت الجولة زيارة جامعة "طليطلة" ذات الاهتمام بالعلوم القانونية والاجتماعية والتاريخية، واستمع الوفد من مدير الجامعة "راءول مارتين" لشرح عن الجوانب التي يدرسها الطلاب، مؤكداً أن الجامعة تولي اللغة العربية اهتماماً كبيراً، إذ أنشأت قسماً كاملاً لها، وهو المسئول عن ترجمة الوثائق العربية الإسلامية التي بقيت من العهد الإسلامي في "إسبانيا" وخارجها وترجمة القوانين الإسبانية إلى اللغة العربية. وتضمن برنامج الزيارة جلسة حوار للشباب السعودي مع نظيره الإسباني من المتخصصين بالعمارة، تبادلوا خلالها الرؤى حول المبادرات والرسائل التي سيرفعها الملتقى لقادة المملكة العربية السعودية ومملكة "إسبانيا"، بشأن الهوية المعمارية وطرق الحفاظ عليها، وناقشوا إقامة تعاون في مجال العمارة والفنون المعمارية، والحديث عن هوية مدينة "طليطلة" وبصمتها الواضحة ومعالمها الإسلامية الخالدة. وفي سياق متصل، تناولت الحوارات بين الشباب السعودي والإسباني الجانب النظامي والقانوني والفني في عمليات البناء والتصاميم والقوانين المحلية والتنظيمات العمرانية، والبصمة التاريخية للمباني في البلدين، واستدلوا بالآثار الإسلامية في "إسبانيا"، التي بقيت شاهداً لحضارة المسلمين على مر العصور، وما تقدمه الجهات المختصة في كل بلد من مشاريع وأبحاث تسهم في الحفاظ على تاريخ المباني وهويتها الوطنية. كما ترتكز رؤية القيادة الرشيدة في إقامة ودعم هذا المنتدى الذي تنقل بين عدة محطات عالمية في السنوات الماضية، في استثمار حماس الشباب السعودي، وإصراره على مواجهة التحديات وإتاحة الفرصة له للتواصل الحضاري مع شباب العالم، وتفعيل دوره في نشر الصورة الإيجابية عن المملكة، إذ يأتي هذا المنتدى بعد النجاح الكبير لجولات المنتدى الدولية السابقة التي عقدت في المملكة و"البرازيل" ومع "الصين" (ثلاث دورات)، و"ألمانيا" و"الهند" و"النمسا" و"كوريا الجنوبية". وللمنتدى هيئة استشارية تتشكل من المختصين المثقفين والمفكرين، ورجال وسيدات الأعمال السعوديين والسعوديات، وتجتمع دورياً كل 4 أشهر، لبحث وضع خطة عمل عامة طويلة المدى، وأخرى قصيرة المدى لمناشط المنتديات، واختيار الدولة للمنتدى القادم، ووقت عقد المنتدى ومدته، وتحديد موضوعات الحوارات العامة لكل دولة، بالإضافة إلى تقديم عناصر عامة للشباب للإعداد والدراسة من قبل مجموعة المنتدى المرشحة لتحديد تفاصيل الحوار وبرنامج العمل، وسير الرحلة، بحسب اهتمامات كل بلد ورغباته وما يتواءم ومصالح "المملكة العربية السعودية" العليا، ومراجعة اختيار المدن المناسبة لزيارتها بحسب أهميتها الثقافية والحضارية ونوعية العلاقات الثنائية بين المملكة والدولة المقترحة، وتقييم وقياس مخرجات المنتدى في ظل الأهداف التي وضعت له.