زار وفد الشباب السعودي المشارك في منتدى حوار الشباب السعودي - الأسباني المنعقدة فعالياته في مملكة أسبانيا امس مدينتي طليطلة "توليدو" وقرطبة، اطلعوا خلالها على الآثار الإسلامية في جوامع وحصون ومباني هاتين المدينتين، التي يعود تاريخها للعهد الإسلامي في الأندلس. وشملت الزيارة جامع قرطبة الشهير ومدينة الزهراء، باعتبارهما من أهم المعالم التاريخية العمرانية في الخلافة الأموية والإسلامية في أسبانيا. وهدف برنامج الزيارة، لبيان قدرة الحكم الإسلامي آنذاك على جمع أكثر من ثقافة ودين تحت لوائه، وضمانه للتعايش السلمي بين أتباع الأديان والثقافات، مع حضور التطور والرقي في جميع المجالات. وتجول الوفد في جامع قرطبة وشاهد معالمه التي ظلت شامخة لمئات من الأعوام، مطلعاً على الكتابات الإسلامية التي استخدمت لزخرفة أعمدة وأروقة وساحات الجامع. عقب ذلك زار الشباب السعودي متحف مدينة الزهراء الواقع في المدينة التاريخية ودار الخلافة في ذلك الحين، التي تعود إلى أوج عصر الخلافة الأموية في الأندلس، حيث شاهدوا معروضات ومقتنيات المتحف الذي يحتوي على مجموعة من القطع الأثرية من تلك الحقبة، والتي تحكي حضارة وإبداع وفن العمارة الذي اشتهر به المسلمون في أسبانيا. وشملت الجولة زيارة جامعة طليطلة ذات الاهتمام بالعلوم القانونية والاجتماعية والتاريخية، واستمع الوفد من مدير الجامعة راؤول مارتين لشرح عن الجوانب التي يدرسها الطلاب، مؤكداً أن الجامعة تولي اللغة العربية اهتماما كبيراً إذ أنشأت قسما كاملا لها، وهو المسؤول عن ترجمة الوثائق العربية الإسلامية التي بقيت من العهد الإسلامي في أسبانيا وخارجها وترجمة القوانين الأسبانية إلى اللغة العربية. وتضمن برنامج الزيارة جلسة حوار للشباب السعودي مع نظيره الأسباني من المتخصصين بالعمارة، تبادلوا خلالها الرؤى حول المبادرات والرسائل التي سيرفعها الملتقى لقادة المملكة العربية السعودية ومملكة أسبانيا، بشأن الهوية المعمارية وطرق الحفاظ عليها، وناقشوا إقامة تعاون في مجال العمارة والفنون المعمارية، والحديث عن هوية مدينة طليطلة وبصمتها الواضحة ومعالمها الإسلامية الخالدة. وتطرق الحوار إلى كيفية المحافظة على المباني والجوامع والآثار الباقية من حضارات وثقافات مختلفة حكمت المدينة، وقدرة الحكومة الأسبانية على العناية بها، ما ضمن لها البقاء شامخة وماثلة للعيان. كما تناولت الحوارات بين الشباب السعودي والأسباني الجانب النظامي والقانوني والفني في عمليات البناء والتصاميم والقوانين المحلية والتنظيمات العمرانية والبصمة التاريخية للمباني في البلدين، واستدلوا بالآثار الإسلامية في أسبانيا، التي بقيت شاهدا لحضارة المسلمين على مر العصور، وما تقدمه الجهات المختصة في كل بلد من مشاريع وأبحاث تسهم في الحفاظ على تاريخ المباني وهويتها الوطنية. وبينت خريجة قسم العمارة الداخلية المشاركة في الزيارة جمان العقيل أن مشاركتها في أسبانيا بهدف التلاقي الحضاري، وكيف يمكن لشباب من ثقافتين مختلفين أن يبنوا جسراً من التعاون بينهم للوقوف على نتيجة تفيد الطرفين. وأفاد الطالب محمد الجهني أن المنتدى فرصة مميزة للارتقاء بفكر الطالب السعودي العلمي، معرباً عن تقديره للجهات الحكومية لاهتمامها بفكر شباب الوطن المتحمس لرؤية مستقبل مشرق لبلده، تتفاعل فيه جميع شرائح المجتمع للإسهام في النهضة به. ويرأس الوفد الشبابي السعودي المشارك في المنتدى الذي يأتي برعاية من وزارة الخارجية بالتعاون العلمي مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، معالي وكيل وزارة الخارجية الدكتور يوسف بن طراد السعدون ويرافقه 24 شاباً وشابة من أكاديميين وأساتذة متخصصين بالعمارة ومن مختلف المراحل الدراسية ومناطق المملكة.