اهتمت دار "غاليمار" الفرنسية العريقة في سلسلتها الخاصة بالشعر بان تصدر في نهاية هذا العام "ديوان الشعر العربي الكلاسيكي" كما اختاره ادونيس وترجمته المغربية حورية عبد الواجد بالتعاون مع الشاعر. واعاد ادونيس صياغة مقدمته الشهيرة لديوان الشعر العربي الذي صدر في بيروت في الستينات. وشرح ادونيس في مقدمته للديوان الذي يضم اشعارا لما يزيد عن 160 شاعرا من فترة ما قبل الاسلام والعصرين الاموي والعباسي وما بعدهما الاسس التي تم بناء عليها اختيار الاشعار محددا من البداية: "ان خياري ذاتي". واعتبر الشاعر في مقدمته ان "كل خيار فني يحاول ان يتخطى الاسس الفنية غير الذاتية يبقى خاضعا لدقائق ظاهرة او مخبوءة، متجذرة او عابرة الى درجة انه لا يمكن اخضاع حركيتها لمنطق بين" ومن هنا تركيزه على الذاتي. ويتابع ادونيس في مقدمته انه حاول النظر الى القصيدة العربية من منظور فني بحت بعيدا عن وجهات النظر التاريخية والاجتماعية وحيث سعى لكشف الدور الاساسي للشعر وقوته الداخلية وغناه في التعبير عن التجربة. وتضم المجموعة اشعارا لامرىء القيس وطرفة بن العبد وزهير بن ابي سلمى وابي نواس وابن المعتز وابن زيدون من المعروفين الى جانب اسماء معروفة اقل من كافة حقب الشعر العربي الكلاسيكي. ويشير الشاعر في مقدمته لهذه المختارات من الشعر العربي الى انه ليس مهما ان يكون امرؤ القيس تغنى بالليل في الصحراء او تغنى بموضوع آخر بل المهم هو طريقته وكيفية وصوله الى العالمي وكيف ان شعره ما زال الى اليوم يحمل تلك الحرارة والعمق والحساسية. ووضع ادونيس القارئ في جو الاشعار المختارة والتي تنم عن الاصوات المتفردة في الشعر العربي وخاصة تلك النصوص الغنية والفائقة الشاعرية والتي لا يتم اخضاعها الا لضرورات داخلية نابعة من قلب الشعر وبعيدة عن كل تقليد. ولاحظ ادونيس ان الشعر كان ومنذ البداية يتارجح بين "قوة التقليد وقدرة التجديد" لكنه امتدح خصوصا اللغة العربية "لغة الشعاع اللماح والرؤى التي هي امتداد انساني لسحر الطبيعة واسرارها" وحيث في كل قصيدة عربية تسكن قصيدة اخرى ليست سوى اللغة التي هي "موهبة الهية" عند العربي. وزينت غلاف الكتاب الصغير الحجم بمنمنة عربية جميلة تعود للقرن العاشر وهي محفوظة في المكتبة الوطنية الفرنسية.