يعتقد العلماء المتخصصون في علوم الأحياء والجيولوجيا، أن الحياة على كوكب الأرض بدأت في المناطق المظلمة من الكوكب، أي في قعر المحيطات، أو على عمق كيلو مترات تحت سطح الأرض، حيث تنشط حياة جرثومية كبيرة. حيث تم العثور على دود صغير في شقوق على عمق 1300 متر من سطح الأرض في أحد مناجم "جنوب أفريقيا"، كما أظهر الحفر على عمق ستة كيلو مترات في أحد مناجم "الصين" وجود كائنات حية دقيقة. إلا أن أشكال الحياة الأكثر غموضاً هي الفيروسات التي تعيش في قعر المحيطات، ويمكن أن تلعب هذه الجراثيم دوراً مهماً في إثراء التنوع البيئي، من خلال دخولها في جينومات (جينات) الكائنات الدقيقة، كما أن الأعماق السحيقة قد تكون شكلت في فترة من الفترات مختبراً طبيعياً، حيث اجتمعت كل مقومات الحياة، من الماء والجزيئات الغنية بالكربون. وبحسب آراء العلماء، فإن هناك تنوعاً كبيراً للغاية بالنسبة للبكتيريا والفيروسات التي تعيش في هذه البيئة المظلمة، ولا سيما في التربة التي تكون قعر المحيطات، والكائنات التي تعيش في هذه البيئة، إما أحادية الخلية أو متعددة الخلايا، إضافة إلى (الميتوكوندريا) التي تقوم بدور مولد الطاقة داخل خلايا هذه الكائنات. واستفاد الخبراء والمختصون من دراسة أشكال الحياة في البيئات القاسية على سطح الأرض، في تكوين فكرة مبدئية عن أنماط الحياة، التي يمكن أن تكون قد تطورت في كواكب أخرى من النظام الشمسي، لا سيما المريخ، حيث أمكن لهذه الكائنات أن تتأقلم على سطح الكوكب الأحمر، من ناحية درجات الحرارة ونسبة الملوحة المرتفعة جداً، وفق ما أشارت إليه دراسة نشرتها مجلة "بلوس ون" الأمريكية. ويعمل باحثون من جامعة "ميريلاند" حالياً، على دراسة الكائنات الدقيقة في بحيرة شديدة الملوحة في القطب المتجمد الجنوبي، لحساب وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، حيث اكتشفوا تنوعاً طفيفاً في بروتينات هذه الكائنات. كما أوضحت نتائج دراسة أخرى في مجلة "ساينس" الأمريكية، أن البكتيريا الموجودة على سطح الأرض تقوم باستخدام أشعة الشمس؛ لتحول ثاني أكسيد الكربون إلى مواد عضوية، تشكل الحلقات الأساسية في السلسلة الغذائية، فضلاً عن أن الكائنات الدقيقة، في ظلمة القشرة الأرضية في قعر المحيطات - تستخدم غاز الهيدروجين كمصدر طاقة للغرض ذاته، مع أن هذا النظام البيئي يرتكز بشكل أساسي على غاز الهيدروجين، إلا أن أشكالاً متعددة من الحياة تحيا في هذه البيئة القاسية. يشار إلى أن بعض الكائنات الحية الدقيقة تولد طاقتها بنفسها من خلال إنتاج غاز الميثان، أو من خلال تحويل السلفات إلى طاقة، فيما تولدها كائنات أخرى عن طريق التخمير لتوليد الكربون.