المواقف الإنسانية، عنوان بارز في حياة فقيد الوطن والأمتين العربية والإسلامية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، فضلاً عن أعماله الخيرية والوطنية الجليلة التي تميز بها سموه على مدار خدمته الطويلة لأمته وشعبه ومواطنيه. أمر ببناء سكن ومحلات تجارية واستجاب لمتطلباتهم انتشل الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله في واحدة من مواقفه الإنسانية 18شخصاً، جميعهم صم بكم يعيشون في خيام بدائية في صحراء شمال الطائف وأعادهم للحياة بعد تحقيق متطلباتهم، وذلك بعد أن قرأ معاناتهم في إحدى الصحف المحلية التي ذكرت أن الأسرة تعيش بين ظلم، وعفيف في صحراء مقحلة، وتعاني الأمرين من ضيق الحياة والعوز، وتفتقر لأدنى مقومات الحياة الكريمة.وقد كان أفرد الأسرة لا يجيدون القراءة والكتابة بسبب إعاقتهم، وحرمانهم من القراءة والكتابة؛ لصعوبة وضعهم، وعدم التحاقهم بمدارس خاصة تتناسب مع وضعهم، حيث كانوا يعيشون حياة بدائية في خيام وسط الصحراء، وكانوا يتعايشون مع بعضهم بلغة الإشارة، ويصعب على غيرهم فهم متطلباتهم الضرورية؛ فأمر رحمه الله رحمة واسعة بانتشالهم من هذا الوضع، وأمر ببناء مقار لسكنهم في الحوية شمال الطائف حي ممثلة، وبناء مسجد ملحق بمقر إقامتهم، وكذلك محال تجارية أسفل مقار سكنهم ليكون مردودها لهم. وقد كانت فرحة الأيتام غامرة بهذا الموقف الإنساني النبيل، الذي لا يستغرب على سلطان الخير رحمة الله المخرج الدكتور فهد الغزولي يقول: "رزقني الله بطفل معاق، وببساطة تقدمت إلى مدينة الأمير سلطان الطبية لعلاجه، وما هي إلا أيام معدودة ليتصل علي أحد المسؤولين، ويخبرني بأن الموافقة تمت على العلاج، الذي استمر على نفقة الفقيد لمدة شهر ونصف كعلاج طبيعي. وأوضح الغزولي أنه لم يوضح في الخطاب وظيفته، مشيرا إلى أن أي شخص يقابل الفقيد أو يرسل إليه بمشكلة يواجهها فإن الفقيد لا يرد أحدا.الفنان فايز المالكي له قصه أخرى مع الفقيد، يقول: "أعمل مع أخي الدكتور علي في مجال الخير والسعي بالإصلاح في المجتمع، وعتق الرقاب، مشيرا إلى أن الأمير سلطان لم يكن يرتاح حتى يعتق الرقاب بالوجاهة والمبالغ المالية، مؤكدا أن عدد الرقاب التي اعتقها كبير جدا.آنذاك، الذي لم يبخل بدعمه لكل معوز في أرضنا الطاهرة. وقال الأيتام خلال سماعهم نبأ المكرمة بلغة الإشارة، إن الكرم لا يستغرب على الكريم النبيل، وتعجز الكلمات عن الشكر والثناء لهذا الموقف، من شخص عطوف أبوي، فاض كرمه فوصل شتى أنحاء العالم؛ فما بالك بأبناء الوطن. مسؤول سابق بالاتصالات الملكية: كان يقدر ظروفنا ويعذر أخطاءنا وكشف المدير السابق لمكتب الاتصالات الخارجية بمحافظة الطائف المسؤول عن الاتصالات الملكية المتنقلة في عهد الملك خالد "رحمه الله" نايف عوضة الغامدي عن بعض المواقف الإنسانية لولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز التي عرفها عن قرب بحكم عمله. وأعرب الغامدي عن بالغ ألمه بنبأ وفاة الأمير سلطان وقال "كان لي شرف خدمته رحمه الله أثناء مرافقته للملك خالد رحمه الله في رحلاته التفقدية للمنطقة الشمالية وأثناء رحلات القنص، ووقفت على مدى عبقريته وبعد نظره في مواقف كثيرة كما تعلمت منه وعرفت كيف يكون حب الإخوة. فقد كان رحمه الله قريبا من قلب الملك خالد رحمه الله وكل إخوانه وكان هو وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لا يفارقان الملك خالد في رحلات القنص، ووقفت على عميق الحب بينهم وله، وخصوصا عندما نقل الملك خالد من البر بالطائرة ليتوجه للمعالجة في أميركا ورأيت كم كان حزن الأمير سلطان رحمه الله في ذلك الوقت. وأوضح الغامدي أن كل تلك الذكريات مرت في ذاكراته وهو يتابع نبأ وفاته رحمه الله، قائلا "المواقف التي مرت علي كثيرة، ففي عام 1396 كانت بداية عملي مع الملك خالد رحمه الله وكانت التقنيات في بداياتها، فكان هناك فكرة من الملك خالد رحمه الله بإدخال نظام الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وتم ذلك بإشراف كامل من الأمير سلطان رحمه الله فقد كان داعماً لكل تطور في مجال الاتصال في ذلك العصر، وأذكر أننا في مرحلة من المراحل كان هناك مهمة لنا في إنشاء محطة للأقمار في البر وكنا نحتاج إلى ناقلات، وكان هذا الأمر صعبا في الماضي، ولكن بمجرد لقائي به رحمه الله في مكتبه بالرياض أمر على الفور بتسهيل أي أمر يخص إنجاز هذا المشروع، وذلك الأمر كان يعتبر في الماضي من التقنيات التي لا تتوفر بسهولة في أي دولة. وقال: في إحدى رحلات القنص مع الملك خالد رحمه الله التي تعتبر من ضمن الزيارات التفقدية تأخر تشغيل محطة الاتصالات لفترة قصيرة بحكم تأخر نقلها من موقع لآخر بسبب وعورة المواقع، و أبلغت الأمير سلطان وأخذت رأيه في إبلاغ الملك خالد رحمة الله بالعطل الذي لم تتجاوز مدته الساعتين، فما كان من سموه إلا أن قال "لا تبلغه بالأمر ودع الأمر لي، لا نحب أن نزعج الملك " فهذا الحلم وحسن التصرف وتفهم الموقف الذي كان ليس بالسهل فبفضل حنكته احتوى الموقف وأخرجنا من هذا الحرج، وفي عام 1399 كنا في رحلة قنص مع الأمير سلطان رحمه الله في المنطقة الشمالية بموقع يسمى الساده، وكان منطقة رملية، و كان رحمه الله يجري اتصالاً، وكانت التمديدات مكشوفة على الأرض ومعرضة لأي طارئ، وصادف مرور سيارة وتعلقت الأسلاك بالسيارة وامتد الأمر إلى أن انسحب الهاتف من يد الأمير وهو يتحدث في الهاتف، فدخلت عليه وأنا أتوقع أي ردة فعل، فوجدته كعادته بابتسامته المعتادة وقال "ما عليك يا نايف الأمر هين".وفي موقف يدل على تقديره لظروف الآخرين ومجهوداتهم عند افتتاح مستشفى القوات المسلحة بالهدا اقتصر علاج المرضى على العسكريين فقط، فذهبت إليه في قصره بالخالدية بمحافظة الطائف وقلت له نحن كما تعلم موظفو الاتصالات الخارجية وأنت أعلم الناس بطبيعة عملنا، فهل أطمع أن يتكرم سموكم بالأمر باعتماد علاجنا بمستشفى القوات المسلحة بالهدا، فما كان منه رحمه الله إلا أن أصدر أمره باعتماد معالجة أي فرد من مكتب الاتصالات الخارجية، وقد استمر الحال على ذلك. احتضنه وقبّله وأمر بعلاجه في خارج المملكة وسيارة لوالده تداول المواطنون مقطع فيديو مؤثر، وفيه الفقيد – رحمه الله - يتحدّث بعفوية وتواضع إلى طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث خاطب سموه الطفل الذي يجلس على كرسي متحرّك، قائلا: "تجي عندي، ورد عليه: إيه". عندها احتضنه سموه وقبّله. وقال له الطفل: "يبه أنا أحبك". وقال له سموه: "وأنا أحبك بعد". وعندما طلب سموه من الطفل ذكر ما يريده، طلب الطفل "سبحة"، إلا أن سموه قال: "باعطيك غير السبحة، باعطيك سيارة.وش تبي لونها، وتبغاها بوكس وإلا جيب عشان تشيلكم أنت والوالد والوالدة". الطفل قال لسموه: من يسوقها؟ رد عليه الفقيد قائلا: "أبوك يسوقها". إلا أن الطفل رد على سموه قائلا: "لا أنت"، في الإشارة إلى سموه.وطلب الطفل بعد ذلك أن يعالج، وقال له في لفتة أبوية: على خشمي، "تبغى تتعالج في ألمانيا؟" ورد عليه الطفل: دق على الدكتور يعالجني، عشان امشي. فما كان سلطان الخير إلا أن قال: "يعالجك وكل شيء". بعد معرفتها بتشكيل لجنة لمساعدتها دعت له وقالت: الله أكبر الله أكبر اكتفى الكثير ممن شاهدوا صورة المرأة المسنة في صحراء النيجر تحفر بيوت النمل، لتأخذ منها ما خبّأته من حبوب لتأكلها مع أولادها من شدة الجوع، بالتأثر فقط.وحده ولي العهد -رحمه الله- الأمير سلطان، أمر على الفور بتشكيل فريق لدراسة وضع تلك المرأة ومعرفة ما يمكن فعله تجاهها، هي ومن في مثل حالتها.كان ذلك الموقف هو ميلاد لجنة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخاصة للإغاثة، التي أمر بتكوينها لتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة لمتضرري المجاعة في النيجر، ثم توسعت نشاطاتها لتغطي عدة دول إفريقية، وتقدم المساعدات والبرامج الإنسانية، وترفع عن المحتاجين أحزانهم.وبعد بحث طويل عن تلك المرأة المسنة التي شاهد الأمير سلطان صورتها في التلفاز، وهي تحفر بيوت النمل لتأكل ما ادخره من شدة الجوع، تم الوصول إليها، وقدّم لها الفريق مساعدات كثيرة.ولم تجد المرأة بعد أن علمت أن الأمير سلطان قد كلف اللجنة للوصول إليها ومساعدتها، وأن حالتها قد أثمرت عن ميلاد مشروع إنساني كبير، يغطي النيجر وعدة دول إفريقية، سوى أن ترفع يدها إلى السماء وتدعو للأمير سلطان، ولسانها يردد: "الله أكبر.. الله أكبر".ولم يقتصر دعم الفقيد واهتمامه ومتابعته للقضايا الإنسانية على حالة هذه المرأة، بل إن ذلك أبسط مثال لاهتمام الأمير سلطان -رحمه الله- بالقضايا والمآسي الإنسانية، ومعالجتها قدر المستطاع.