كانت جلسة إخوانية غير مرتب لها كانت عفوية التحضير كان طرفاها الأستاذ حسن صالح أشعري بمخزونه الثقافي الكبير والمستشار القانوني محمد عمر العامودي، وكان محور الحديث الشاعر الكبير حمزة شحاته عندما ابتدأ «الأشعري» قوله لقد كان شحاته شاعراً جزل العبارة ورشيقها بل كان قادراً على تصوير خلجات نفسية الانسان.. اذكر قصة تلك القصيدة التي قالها الشاعر الكبير عمر ابن ابي ربيعة بعد قصة مشهورة: فقالت وعضت بالبنان فضحتني وانت امرء نثور وأمرك أعسر وكأن «شحاته» أخذ المعنى فصاغه على «الطريقة» المكاوية في تلك القصيدة التي اصبحت من اشهر قصائده. بعد صفو الهوى وطيب الوفاق عز حتى السلام عند التلاقي يا معافى من داء قلبي وحزني وسليماً من حرقتي واشتياقي هل تصورت ثورة اليأس في نفسي الى ان يقول: وهول الشقي في فراقي اذ تهيأت للسلام فلم تفعل فأغريت بي فضول رفاقي هبك اهملت واجبي صلفا منك فما ذنب واجب الاخلاق الى ان يقول كأنه يؤشر اليه بيده: انت حر، والحسن لا يعرف القيد فصادر حريتي وانطلاقي ويمضي الاشعري في وصف شحاته فقال: كنت اراه رجل فارع الطول عريض المنكبين رياضي الجسم يضع العقال بطريقة مختلفة عن اقرانه وشحاته كما يقول الاستاذ محمد حسن زيدان يستطيع ان يقنعك بان هذا اللون الاسود ما هو الا ابيضاً. وعندما تقرأ شعره وترى قدرته على التصوير والنحت اللغوي العجيب تشعر بانك امام قيمة شعرية هائلة ولو كان – شحاته – في مجتمع اكثر انفتاحا لكان من الشخصيات الادبية الكبيرة في عالمنا العربي. بل كان يتضاها مع شوقي ومع المتنبي كان رحمه الله شاعراً فحلاً. محمد عمر العامودي لفت النظر الى طبيعة مصر في احتوائها للقدرات العربية الكبيرة فتصبغها بصبغتها المصرية خذ عندك باكثير وبيرم التونسي وغيرهما.. فواحد مثل شحاته وأنا اعتبره افحل من كثيرين ذهبوا الى مصر لم ينصبغ بها رغم أن الفترة طويلة التي قضاها فلم يتداخل مع الشعراء هناك. قال الاشعري: كان له ناديه وله جماعته الخاصة فكانوا يجتمعون عند الاستاذ عبدالله عبدالجبار. عاد العامودي الى القول: ان شحاته كان شاعراً كبيراً بكل المقاييس وكان قارئاً دؤوباً. فقال الاشعري اما كونه قارئاً بالفعل اذكر قبل اكثر من سبعين عاماً ان آتى الاستاذ حسن قزاز بكتاب اسمه «فلسفة اللذة والألم» أخذه منه شحاته ليقرأه اذكر ذلك لأنه أتى بالكتاب في بيتنا الذي كان – مكانا – للرياضيين حيث كنت سكرتيراً «للكرة» ويجتمع بعض الرياضيين عندنا.. فحمزة شحاته كان يقرأ مثل هذه الكتب في ذلك الزمان فهو كان فيلسوفاً جدلياً. كانت هذه حصيلة الحوار الذي تم بين الاشعري والعامودي. لتحتويه حقيبتنا اليوم وننشره خلسة عنهما.