لاشك أن الهوس بالأجهزة الإلكترونية حوّل العالم إلى كومة واسعة من النفايات الخاصة بها، والتي يصعب التخلص منها أو حتى إعادة تدويرها والاستفادة منها، فبالنظر إلى ما ينتجه العالم من هذه النفايات، نجد أن المملكة العربية السعودية وحدها تنتج ما يقرب من 3 ملايين طن سنويًّا من النفايات الإلكترونية، وفي أمريكا يتم التخلص سنويًّا من 200 مليون جهاز كمبيوتر، كما تتخلص أوروبا يوميًّا من 130 ألف جهاز كمبيوتر، فضلاً عن ملايين الأجهزة الأخرى من الهواتف والتلفزيونات وغيرها، ويتم الاستغناء عن 50 مليون طن من الأجهزة الإلكترونية القديمة منها مليار جهاز كمبيوتر في أنحاء العالم. ونبّه خبراء التقنية الحيوية للملوثات البيئية في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، إلى خطورة النفايات الإلكترونية التي يصعب التخلص منها، بسبب التوسع في استخدام الإلكترونيات في المجتمع السعودي، والتي تتحول فيما بعد إلى كومةٍ واسعة من النفايات الخطرة التي تضر بالبيئة وتعمل على تدميرها. وهناك عدة عوامل أسهمت في عدم إدراك أفراد المجتمع السعودي لمخاطر مثل هذه المخلفات، منها عدم الوعي الكافي بمضارها، وغياب التشريعات التي تلزم المصانع والشركات العاملة في السعودية بالتخلص من تلك المخلفات بشكل سليم، إلا أنه كانت هناك العديد من المحاولات التي قامت بها الجمعية الوطنية لحماية البيئة من أجل التوعية بمثل هذه المخاطر، حيث بدأت قبل أشهر في توعية الرأي العام بمثل هذه الأخطار المحتملة وما ينتج منها. وتكمن خطورة النفايات الإلكترونية في تتخللها إلى طبقات المياه الجوفية أو تتطايرها في الأجواء، مما يؤدي إلى تلوث الهواء، إلى جانب احتوائها على مركبات تدخل في تكوينها مواد لها تأثير مباشر في انتشار ظاهرة الاحتباس الحراري، بالإضافة إلى عنصري الزئبق والرصاص، وفي دراسة عالمية أجرتها إحدى شركات تصنيع الهواتف المتنقلة على 6500 شخص في عددٍ من الدول من بينها السعودية، كشفت أن الغالبية يحتفظون بأجهزتهم القديمة في المنزل دون استخدامها، وبناءً على إحصاءات لعدد الهواتف المحمولة في المملكة، اتضح أن عددها أكثر من العدد الإجمالي للسكان، واعتبرت الدراسة ايضًا أن النفايات الإلكترونية مشكلة عالمية، تشكل خطرًا على صحة الناس والبيئة، إذا تم التعامل معها بطريقة غير علمية، من خلال ردمها بشكل عشوائي مع النفايات العضوية وغير العضوية الأخرى في مدافن غير مهيأة لاستقبال هذا النوع من النفايات، هذا فضلاً عما تخلفه الأجهزة الإلكترونية من الآثار المدمرة التي تضم مواد سامة مثل الزئبق والرصاص، وتترسب في التربة لفترات طويلة ثم تحيلها إلى أراض غير صالحة للزراعة، وأكدت الدراسة كذلك على ضرورة بذل جهود مكثفة للحيلولة دون اختفاء التنوع البيئي على وجه كوكب الأرض. ولا يوجد في السعودية برامج لفرز هذه المخلفات وتدويرها أو التخلص منها بطرق آمنة، كما لا توجد كذلك أنظمة تقنن التعامل مع مخلفات من هذا النوع، لهذا تذهب في عمومها إلى مرامي النفايات البلدية الصلبة، إلا أن هناك بعض المبادرات الفردية والعشوائية للاستفادة من مكونات مخلفات الأجهزة الإلكترونية، لكنها لا ترتقي إلى مستوى العمل المنظم الفعَّال، أهمها ما تم ذكره عن التوعية بخطورة هذه القضية وآثارها السلبية وكيفية العامل معها، وهو ما يجب أن تنفذه جمعية البيئة السعودية والمؤسسات والهيئات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وبتكامل أطراف هذه الشراكة يتحقق الهدف الأهم وهو إدراك خطورة تلك النفايات، الأمر الذي يساعد كثيرًا في التعامل مع النفايات الإلكترونية بطرق تضمن تدويرها وتقليص تداعياتها الخطيرة.