أظهرت أزمة الائتمان مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى كشيخ عجوز ينتمي لقرن مضى عجز عن التعامل مع كارثة مالية حديثة، وجعل المجموعات الأكبر المنبثقة من مجموعة السبع تبدو وكأنها غير مناسبة للقيام بالمهمة. فخلال الأيام الثلاثة الماضية تجمع زعماء ماليون من شتى أنحاء العالم تحت مظلة مجموعة السبع ومجموعة العشرين الأكبر التي تضم كلا من الدول النامية والدول المتقدمة وصندوق النقد الدولي المؤلف من 185 دولة، ولم يتمكن أي منهم من التخطيط لمخرج من أزمة الائتمان. وقال وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسون: «إذا ما نظرنا إلى البناء المالي العالمي فلا أعتقد أنه يعكس الاقتصاد العالمي اليوم»، وصرح بذلك ردًّا على سؤال: إذا ما كان يتحتم أن يجرى توسيع مجموعة السبع التي تضم الولاياتالمتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان، بحيث تشمل قوى ناشئة مثل: الصين والهند وروسيا والمكسيك، وتابع: «إنه عالم كبير وهو أكبر بكثير عن مجموعة السبع». وسلطت أزمة الائتمان الضوء على هذه النقطة خلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة ولم تنج أي منطقة من تراجع أسواق المال الذي ظل يحدث يوميا تقريبا من جراء الذعر السائد بالأسواق. وقال وزير المالية الجنوب إفريقي تريفور مانويل خلال مناقشات أمس الأحد: «إذا سئلت عن وجهة نظري فيما يتعلق بالمشاكل التي نشهدها حاليا فسأقول إن ذلك يرجع لغياب قيادة قوية واضحة قادرة على إحداث تغيير وتقديم ردود منسقة لانهيار الأسواق»، وعاب على صندوق النقد الدولي وقوفه «بعيدا» فيما يبدو خلال الأزمة. وفي جلستها يوم الجمعة ألغت مجموعة السبع إعلانها المعتاد المؤلف من ثلاث صفحات، والذي يغطي عادة كل شيء من النظرة المستقبلية للاقتصاد إلى غسيل الأموال، وعرضت بدلا من ذلك خطة من خمس نقاط تركزت على الحاجة إلى كسر جمود الأسواق، وإعادة بناء القوائم المالية. فرصة ضائعة وقال مايكل وولفولك، الخبير البارز في إستراتيجية العملات بمصرف بنك أوف نيويورك ميلون في نيويورك: «كان بيان مجموعة السبع محبطا.. كان مقتضبا أكثر مما توقع معظمنا». وأضاف: «كانت هذه فرصة عظيمة لهم لمحاولة الاتفاق على خطوات ملموسة لمساعدة أسواق الائتمان، فكلهم كانوا هناك في نفس الغرفة في واشنطن ووزراء مجموعة العشرين على مقربة منهم، إلا أنهم أهدروا الفرصة». وعقد زعماء أوروبيون أمس الأحد قمة جرى الإعداد لها سريعاً في باريس، واتفقوا على ضخ أموال في البنوك، إلا أن الخطوات المحددة التي ستتخذ ستترك لكل حكومة على حدة لتقررها. وقالت كاثي لين رئيسة قسم أبحاث العملة في «جي.إف.تي فوركس» في نيويورك: «بالرغم من أن هذه الإجراءات ليست قوية كما كان يتوقع الناس، وبالرغم من أن بيان مجموعة السبع هادئ، فإنه يبدو أن البنوك المركزية والزعماء الماليين بدءوا أخيرا التحرك بشكل منسق». وتضافر الجهود كان الهدف المشترك خلال مطلع الأسبوع في الوقت الذي عززت فيه مجموعة العشرين وصندوق النقد الدولي الخطة التي طرحتها مجموعة السبع، لكن تحت غطاء الوحدة هناك العديد من المطالب بإحداث تغيير. وفي إشارة إلى أنه حتى الولاياتالمتحدة بقوتها تسلم بالحاجة إلى مساعدة لحل الأزمة كان بولسون وزير الخزانة الأمريكي هو من دعا لاجتماع خاص لمجموعة العشرين في مطلع الأسبوع، وعقد الاجتماع يوم السبت بعد يوم من اجتماع مجموعة السبع. التوسيع هو الحل ودعا وزير الاقتصاد الإيطالي جوليو تريمونتي إلى توسيع مجموعة السبع، ولكنه أطلق على المجموعة الجديدة اسم «جي إكس»، حيث إنه لا يعلم ما الشكل الذي يمكن أن تكون عليه. وقال: «نقترح الذهاب إلى ما هو أبعد من إطار مجموعة السبع لتبني كيان أكبر»، مضيفا أن إيطاليا ستقترح مثل هذا التغيير العام المقبل عندما تتولى رئاسة الدورة الجديدة لمجموعة السبع. والفكرة هي تشكيل مجموعة تمثل الاقتصاد الحديث، لكنها تكون مدمجة بالدرجة الكافية لكي تكون حاسمة في قراراتها، والبرازيل وروسيا والهند والصين من الأسماء التي يجري منذ فترة طويلة مناقشة إضافتها لنادي مجموعة السبع. وقال الاقتصادي الأمريكي مارك زاندي: «الصين متساوية الآن مع ألمانيا كرابع أكبر اقتصاد في العالم، وعدم وجود الصين على مائدة المحادثات يضعف نفوذ وقوة مجموعة السبع». والبرازيل وروسيا والهند والصين أعضاء بمجموعة العشرين الأوسع، ولكن هذه المجموعة قد تكون غير عملية بشكل كبير، وقال جويدو مانتيجا وزير المالية البرازيلي الذي يرأس مجموعة العشرين إن المجموعة بحاجة إلى أن تكون «أكثر نشاطا»، وإنها تفتقر إلى الأدوات المناسبة للتعامل مع الأزمة الحالية. وحذر سايمون جونسون كبير الاقتصاديين السابق بصندوق النقد الدولي وبيتر بون رئيس مؤسسة إيفكتيف إنترفنشن «التدخل الفعال» الخيرية ومقرها بريطانيا في عدد أمس الأحد من صحيفة واشنطن بوست من «حرب مالية شاملة» إذا لم تحسن الدول التنسيق فيما بينها.