القراءة من أهم وسائل المعرفة، وأكثرها فاعلية في تناول الأفكار وتواصلها، وكذلك في انتشار المعرفة وتفعيل الأفكار، وفي تنمية القدرة على التفكير، وفي القدرة على التبصر والاستبصار, وفي استخدام المنطق والمحاكمة العقلية للوصول إلى قرار صائب واتخاذه أساسا للحكم على الأمور, وللقراءة أهمية في حياة الفرد والمجتمع، فهي تزود الأفراد بالخبرات وتنمي مداركهم وتهيئهم لخدمة المجتمع وتدفعهم ليكونوا روادا في مجتمعهم ؛ فهي بلا شك العملية الأساسية في فهم التراث الثقافي والوطني، والاتصال بتراث الآخرين، ووسيلة للاتصال بباقي العلوم، وعن طريقها يشبع الفرد حاجاته، وينمي قدراته ويوسّع آفاقه. ولا يختلف اثنان على أن المطالعة اليوم أمر يصعب على الأهل إقناع أبنائهم بالمواظبة عليه, فالنشاطات المتاحة للطفل اليوم، والتي تتضمن عناصر جذب ممتعة، كثيرة، كألعاب الكمبيوتر، ومراكز الترفيه المخصصة له، أفقدت الكتاب أهميّته, لذا يرى الاختصاصيون أن تشجيع الطفل على المطالعة صار مهمة صعبة، ولكن لا يجدر بالأهل الاستسلام لهذه الصعوبة، والقول إن الكتاب فقد قيمته، بل في إمكانهم توطيد علاقة طفلهم بالكتاب وتعزيزها بعدم جعله مرتبطاً بمفهوم الدرس والمدرسة، بل يمكنهم أن يجعلوا المطالعة نشاطاً من ضمن نشاطات عطلة الأسبوع, ويرى البعض الآخر أنه يمكن للأم الاستفادة من دخول طفلها إلى الحضانة أو الذي ينتقل إلى المدرسة بتعويده على المطالعة ليألف الأحرف والكلمات. فهل هذا ممكن؟ وكيف يمكن الأم تحقيقه؟ وما هي الكتب التي على الأم اختيارها؟ يرى الخبراء أن تعويد الطفل على القراءة يبدأ من السنة الأولى من عمره، أي تكون القراءة ضمن طقوس الطفل اليومية وفي وقت الاسترخاء, صحيح أن الطفل في هذه السن لا يعرف القراءة ولكنه يستمتع بالصور الزاهية، لذا فمعظم القصص الموجهة إلى هذه السن تكون مرتكزة على الرسوم والقليل من الجمل, والهدف هو تعويد الطفل على الكتاب والتآلف معه واحترام استعماله، أي يقلب الصفحة بهدوء، يستمتع بالقصة التي تقرأها له والدته أو والده، مما يشعره بحنان أهله وفي الوقت نفسه تتعزز مخيلته وتتطوّر إدراكا ته الفكرية والذهنية، وبالتالي تصبح القراءة متعة بالنسبة إليه. وينصح الخبراء بجعل القراءة نشاطًا يستمتع به الطفل لا أن تكون فرضاً ملزماً به خصوصاً في فصل الصيف، حيث النشاطات كثيرة ومتنوّعة، لذا يمكن الأم أن تشجع طفلها على القراءة وقت الاسترخاء حين لا يكون لديه شيء يفعله، ومن الممكن أن يكون هذا الوقت قبل النوم أو بعض الظهر, ولكن في الوقت نفسه من المهم جداً أن يكون الوالدان النموذج الذي يتماهى به الطفل، أي أنهما أيضاً يخصصان وقتاً للقراءة، ولو قراءة الصحف، فالطفل حين يرى والديه على هذه الصورة فإن ذلك يثير فضوله ويحفزه على تقليدهما, أما بالنسبة إلى الطفل الذي ينتقل من مرحلة الروضة إلى مرحلة المدرسة الابتدائية، فإن القراءة تعرّفه على الأحرف والكلمات فتصبح أليفة بالنسبة إليه، وتغني مخيّلته وتفكيره، كما يتعلّم كيف يتعامل مع الكتاب. ويمكن للام أن تخصص وقتاً يوميا يقرأ فيه الابن لها بصوت عال قصة مفضلة، أو جزءً من كتاب.. فهذه العادة لن تقوي ثقته بنفسه فحسب، وإنما ستخلق بداخله القراءة النقدية حول الموضوع بعد القراءة, كما يمكن أن يتم تخصيص وقت للقراءة العائلية.. الجميع يقرأ في صمت، الكل ممسك بكتاب، هذا المناخ سيدفع الطفل دفعاً نحو القراءة، وليس من الضروري أن يكون هذا الوقت طويلا.. فمن الممكن أن يتراوح بين 30:15 دقيقة، فهذا السلوك اليومي سيلهم أطفالك ويطلق رغبتهم في القراءة.