سن اليأس عند المرأة معروف وواضح للجميع، فهو يعلن عن نفسه في شكل واضح بانقطاع الدورة الشهرية وتوقف إفراز هرمون "الإستروجين"، أما عند الرجال فالأمر يختلف كلياً، فمرحلة سن اليأس عندهم قد تكون غامضة ولا تتم بالطريقة الواضحة التي تعيشها المرأة بيولوجياً. وأكدت الدراسات العلمية الحديثة أن الذكور يدخلون هذه المرحلة تدريجياً، مشيرة إلى أن عوارض سن اليأس ترتبط بالانحسار التدريجي الذي يطرأ على هرمون "التيستوستيرون"، وهذا الهرمون ينخفض تدريجياً في جسم الرجل اعتباراً من سن الثلاثين، وتنخفض معدلات "التستوستيرون" مع تقدم السن وتصبح أقل من المعدلات الطبيعية، والتي قد تشبه حالة نقص هرمون الأنوثة عند النساء الذي يصاحبه أعراض سن اليأس من المحيض. وقد توصل باحثون بريطانيون بجامعة شيفيلد من خلال دراسة طبية حديثة إلى دليل على وجود ساعة بيولوجية لدى الرجل مثل المرأة تماماً، وإن هذه الساعة تبدأ في الدوران مع وصوله إلى منتصف الثلاثينيات من العمر، وذكرت الدراسة التي شملت 12 ألفاً و220 زوج وزوجة أن العلاج بالتخصيب الصناعي يشير إلى تقلص نسب الحمل عندما يتجاوز الرجل عامه الخامس والثلاثين، وأضافت أن فرص الإنجاب بالنسبة للرجل تزداد ضعفاً مع تجاوزه الأربعين، ورجح الباحثون أن ذلك يرجع إلى الدمار الذي يصيب الحمض النووي. وقد تبين أيضاً أن الرجال يمكن أن يصابوا بنفس الأعراض التي تصاب بها النساء في سن اليأس والمتمثلة بالتعرق الغزير، وتسرع دقات القلب والشعور بالتوهج في الوجه والجسم، أو ما يعرف بالهبات الساخنة، إضافة إلى الإحساس بالوهن العام والميل إلى الهمود والكآبة. كما أن هناك مجموعة من الأعراض البدنية الوظيفية والأعراض النفسية تظهر عليه وتؤثر بالتالي على خصائص الذكورة وقدرات الإخصاب لديه. وتشمل الأعراض البدنية كل من ضعف الانتصاب، أو العقم، أو نقص شعر اللحية، أو زيادة شحم الجسم، أو قلة حجم وكتلة عضلات الجسم، أو زيادة نمو وحجم الثدي، أو خلخلة العظم وهشاشة تماسكه، ويضاف إلى ذلك أيضاً فقدان الرغبة في ممارسة الجنس، وتدني حجم عضلات الجسم ومقدار القوة فيها. كما أكدت الدراسات حالياً على أن نسبة التيستوستيرون تبدأ بالانخفاض تدريجياً منذ سن الأربعين للرجل وبمعدل 1 -2% كل عام. وتتعدد هنا أسباب هذه المرحلة، فبينما يكمن جزء من السبب في الانخفاض المتدرج لهرمون الذكورة، ولكن السبب الأساسي في اتباع الرجال للعادات السيئة التي تدهور الصحة مثل تعاطي الخمور، التدخين، ارتفاع التوتر، استخدام علاج غير موصوف من قبل الطبيب، اتباع نظام غذائي سيئ، والافتقار إلى ممارسة التمارين الرياضية، بالإضافة إلى المشاكل النفسية والضغوط العصبية. وربما يكون سن اليأس عند الرجال هو مسألة حساسة عند الكثير منهم لأنه يتعلق بتردي الحياة الجنسية، رغم أن الطب يشدد على كونها ليست النتيجة المباشرة لتقدم العمر، إنما هي بشكل أشمل انعكاس لموقف شخصي من الجنس، ويشير العديد من الأطباء والمختصين إلى أنه يجب عندما يشعر أي رجل بأي تراجع ولو بسيط في أدائه الجنسي أن يستشير الطبيب الأخصائي بالهرمونات والطب الجنسي لأن العلاج الطبي في هذه الحالة يساعد كثيراً على حفظ القدرة الجنسية واستمرارها بشكل منتظم، أما إهمال الحالة وتركها تستمر وقتاً طويلاً قد يسبب خطورة تتطلب الكثير من العلاج والجهد مع نتائج أقل بكثير. كما يجب على الرجال بعد سن الأربعين استشارة الطبيب الأخصائي حتى لو كانوا لا يشعرون بأية مشكلة صحية؛ لأن الطبيب الأخصائي في هذه الحالة يقيم صحة الرجل وطاقته الهرمونية ويستطيع أن يستشف من خلال هذا الفحص الطبي مستقبل الرجل الصحي والهرموني والجنسي، ويضع العلاجات اللازمة في الوقت المناسب مما يضمن له مستقبلاً صحياً وجنسياً جيداً ومنتظماً.