نظراً لاحتوائها على الحرمين الشريفين يتميز رمضان في المملكة بجو روحاني خاص ربما لا يوجد في غيرها من دول العالم الإسلامي. ومع ثبوت هلال رمضان تعم الفرحة قلوب الجميع في المملكة، وتنطلق من الأفواه عبارات التهنئة، مثل قول: (الشهر عليكم مبارك) و (كل عام وأنتم بخير) و (أسأل الله أن يعيننا وإياك على صيامه وقيامه). وفي النصف الثاني من رمضان يلبس كثير من السعوديين ثياب الإحرام لأداء العمرة، أما في العشر الأواخر منه فإن البعض منهم يشد رحاله للاعتكاف في الحرم النبوي أو المكي. وتبدأ الجمعيات الخيرية المختلفة في فتح أبوابها على مصراعيها لتقديم المساعدات المختلفة للمحتاجين والأرامل والأيتام، حيث تنتشر بشكل عام في جميع أنحاء المملكة المناسبات الخيرية (البازارات) لجمع التبرعات والصدقات، وتوجه الدعوات للمساهمة في إفطار المحتاجين والمساكين، وتقديم المساعدات والمعونات لهم. كما يحرص أهل الخير على إقامة الموائد الرمضانية الخيرية، وتقديم الأطعمة على نفقاتهم الخاصة، أما الماء فيوزع في برادات مثلجة. وقد انتشرت في المملكة وبكثرة عادة طيبة، وهي إقامة موائد إفطار خاصة بالجاليات الإسلامية والعمالة الأجنبية المقيمة في المملكة، وتقام تلك الموائد بالقرب من المساجد، أو في الأماكن التي يكثر فيها تواجد تلك العمالة، كالمناطق الصناعية ونحوها. ومن العادات المباركة في المملكة أيضًا توزيع وجبات الإفطار الخفيفة عند إشارات المرور للذين أدركهم أذان المغرب وهم بعدُ في الطريق إلى بيوتهم، عملاً بسُنَّة التعجيل بالإفطار. وقد وجدت الجمعيات الخيرية هذا العام نفسها في مأزق مع قرب شهر رمضان بسبب نقص الأيدي العاملة، مما دفعها إلى اللجوء ل ''العمل المؤقت'' واستقطاب شباب وفتيات للعمل لفترة شهر مقابل أجر مادي يبدأ من 1500 ويصل إلى 3500 ريال، وأعطت الأولوية لأبناء الأسر المحتاجة ومن ترعاهم الجمعية، حيث تعاقدت جمعية البر مع 120 شاباً وفتاة من أجل تسيير عملها خلال هذا الشهر لتغطية النقص في الموظفين والعمال لدى فروع الجمعية، حيث إن بعض فروعها يحتاج في شهر رمضان إلى الاستعانة بثلاثة متعاونين في الفترة الأولى وأربعة في الفترة الثانية لتغطية العمل الكبير في استقبال الزكاة وتوزيع الإفطار، خاصة وأن معظم الأعمال تكون ميدانية، تتضمن الإعداد والإشراف وتوزيع الإفطار على الصائمين، سواءً في المراكز المخصصة لإفطار الصائم أو المساجد أو عند الإشارات المرورية، إضافة إلى استقبال الزكاة وتوزيعها على المستفيدين. والجدير بالذكر أن عدد الوجبات اليومية المقدمة للصائمين من قِبل الجمعية تبلغ 1500 وجبة بواقع 300 وجبة يومياً مقسمة على خمسة مواقع، حيث تكون هذه الوجبات جاهزة طوال شهر رمضان بسعر ريالين و20 هللة، كما أن مشروع زكاة الفطر سيتم عن طريق التوكيل النقدي وتسلم المبالغ من المتبرعين في الفرع وإخراج الزكاة بالتنسيق مع إحدى الشركات الغذائية بتسليم الأسر قسائم وتسلم كمياتها من الشركة أو الاستقبال العيني عبر مواقع الجمع لتسلم زكاة الفطر العينية من المتبرعين. وفي نفس السياق أطلقت الجمعية الخيرية للزواج ورعاية الأسرة بمنطقة المدينةالمنورة "أسرتي" حملتها الإعلامية للزكاة تحت شعار "للزكاة عنوان.. فلنجعل عنوانها مستحقيها" وذلك لجمع أموال المزكين لهذا العام لمساعدة الشباب على الزواج ورعاية الأسر الناشئة. وستستمر هذه الحملة طيلة شهر رمضان، وتأتي ضمن الحملات الإعلامية التي تطلقها الجمعية سنويا في سبيل مساعدة الشباب والفتيات على الزواج، ولقيت استجابة من كافة أفراد المجتمع. وستمنح الجمعية بموافقة مصلحة الزكاة والدخل الشركات والمؤسسات خطاباً للمصلحة يفيد باستلام الزكاة. وتهدف الحملة إلى توعية المجتمع بأهمية الزكاة في مساعدة الشباب على الزواج وتكوين أسرة ناشئة سعيدة ومستقرة، وهي مثال حي على دعم مفهوم الشراكة المجتمعية والتكامل بين المؤسسات الرسمية في قطاعيها العام والخاص والقطاع الأهلي. ومن جهة أخرى اتبع مكتب الراكة التعاوني آلية جديدة لوصول التبرعات بكل أمان وسهولة من خلال خدمة التبرع الإلكتروني ضمن مواقع المصارف، فهناك أكثر من 100 جمعية تم إدراجها ضمن مواقع المصارف الإلكترونية لتقدم خدماتها، ويكون عن طريق المصارف ليكون أكثر أمانا، بينما الشبكات خاصة بالجمعيات والمكاتب الخيرية. كما توسعت المخيمات هذا العام بشكل كبير نظرا لارتفاع عدد الأجانب المقبلين على مخيمات إفطار الصائمين، ونجاح التجربة على مدى أربع سنوات للمكتب، حيث إن المخيمات الخاصة لهم تتسع لأكثر من خمسة آلاف عامل ووافد. كما أن هناك برنامجا إضافيا استحدث لموسم رمضان خصص للجاليات غير المسلمة من العمالة، وسيتم تخصيص وجبة إفطار وعشاء لهم ودعوتهم من خلال شركاتهم العاملين في مصانعها وعلى مقربة من المدينة الصناعية، ويضم معرضا لتعريفهم على طبيعة المجتمع السعودي، والدين الإسلامي، وثقافة البلد وعاداته، خلال شهر رمضان. وقد تم التعاقد مع أحد أكبر مطاعم المنطقة والحاصل على براءة اختراع الوجبات الجاهزة، حيث تتم عملية تسخين الوجبات ذاتيا خلال خمس دقائق. وقد تمت الاستفادة من هذه التجربة لإعادة إطلاق مشروع الإفطار الجوال والتوسع في نطاق توزيع الوجبات خارج نطاق الطرق الداخلية إلى المنافذ الرئيسة لطرق المنطقة الشرقية من خلال خمس نقاط توزيع، يتولى عملها 300 شاب تطوعوا لإنجاز هذا المشروع طوال أيام شهر رمضان، والتي توفر أكثر من 1500 وجبة بمعدل 500 وجبة يوميا من خلال هذه المنافذ لسائقي السيارات من داخل المنطقة والمسافرين.