يقال إن الحب ليس سلعة يتداولها الناس ويجب اختيار الحب وتفضيله على المال، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، والبعض يقول المال هو الغالب على كل العلاقات الإنسانية ومنها الحب، ومن لا يمتلك المال لا يستطيع أن يتمتع بالحب بل سيموت الحب في بحر الحياة الأسرية. ويقف المرء متسائلاً أيهما يبقى ويثبت أمام التحديات والتغييرات في زمن سادت به عولمة الاقتصاد والفكر وتقلب الأوضاع الاقتصادية باسم التقشف والكساد، وأيهما الأكثر وجوداً في النفس المال الوفير أم الحب الكبير، وهل تستمر حياة العاشقين إذا كان الزوج لا يملك قوت يومه ولا يستطيع أن يكون مسئولاً عن سد احتياجات أسرته. وفي دراسة كتبتها الاختصاصية الاجتماعية البرازيلية سيليا جونيور، استندت فيها إلى إحصائية بين صفوف ألفي امرأة من أنحاء العالم، كشفت فيها أن 38 % من النساء يعشن مع أزواج أغنياء، فقط لأنهم أغنياء يوفرون حياة مريحة للزوجة، وبرأي الاختصاصية أن العلاقة الزوجية المبنية على المصلحة هي علاقة فارغة المضمون؛ لأنه بمجرد انتهاء الوضع المريح للحالة الزوجية يمكن أن ينفصل الزوجان بسهولة ومن دون أي جهود للحفاظ على الزواج. ولكن من بين الأسباب التي تجعل نساء صغيرات في السن يقبلن الزواج من رجال يكبرهن بكثير هو اعتقاد المرأة بأن مثل هذا الرجل الناضج يمكن أن يؤمن لها حياة مريحة؛ طالما أنه ذو مستقبل مضمون ومريح من الناحية المادية. وحسب الدراسة فإن 15% من النساء اللواتي يتزوجن من أغنياء يخرجن من الزواج في منتصف الطريق، أي أن حالة المهانة التي يضع فيها الزوج الغني زوجته تجعلها تتخلى عن كل شيء في مقابل الحفاظ على كرامتها، فطبيعة المرأة معروفة برفض الإهانات والحفاظ على الشرف والكرامة، وعندما يصل الأمر إلى حد خدش هذه الصفات فإن نساء كثيرات يضعن حداً للأمور، ويحبذن الخروج من هذه الدائرة التي تحولهن إلى مجرد أشياء دون اعتبار لشخصيتهن وإنسانيتهن. فيما يرى البعض أن المرأة التي تقبل بمساوئ زواج المصلحة يجب أن تكون مستعدة للثمن الذي ستدفعه من شخصيتها وعواطفها وأحاسيسها، ومهما تظاهرت بأنها لا تهتم كثيراً بالحب فإنه سيأتي وقت ستمل فيه من المادة، وتتشوق إلى العواطف التي تميز الأنثى، فالمرأة تخدع نفسها إذا ظنت أن الراحة المادية وحدها قادرة على جلب السعادة إليها، وقد ثبت أن السعادة التي ستشعر بها من المال مزيفة وليست حقيقية؛ لأنها تزول بزوال تلك المادة. وأشار البعض إلى أن الزواج المبني على الحب هو وحده الذي يستمر، ويقف في وجه الصعوبات مهما كبرت، لكن هناك نساء كثيرات لا يفكرن بعواقب الأمور، فيقعن في خطأ الزواج من رجال لا يحبونهم، فقط من أجل توفير حياة مترفة لهن. وقدم الخبراء والمختصون مجموعة من النصائح لحواء بخصوص هذا الشأن ومنها أنه عند إقدامك على الزواج راعي أمرين مهمين وهما: عقلك، وقلبك قبل الموافقة على الزواج، فتكون المراعاة من حيث العمر، والمستوى الاجتماعي، والمادي، والعلمي، والنسب لتوافق على المبدأ، وبالنسبة لقلبك فلا تحكمي على العريس من اللقاء الأول، لأنك في هذه الحالة تكونين متوترة وأفكارك مضطربة. واعلمي أننا نعيش في مجتمع عربي، يختلف عن التلفاز والحياة الغربية التي تبدأ بالحب، وتبنى عليه فإن بقي الحب دام الزواج، وإن انتهى ينتهي؛ فمجتمعنا العربي يكاد يكون فيه الحب قبل الزواج شبه منعدم؛ لكن الحياة تستمر على الاحترام والمودة، وتأكدي أنّ الاكتفاء يختلف عن الثراء، والزواج المادي سرعان ما يزول فيه الانبهار بالمال الفائض عن الحاجة، وتزول الأسباب التي كانت بقناعتك أنها الأهم في الزواج فتكتشفين أنّ المال ليس له قيمة مقابل الحياة المريحة المفعمة بالمشاعر. وبصفة عامة فالمال مهم للكثير من الناس لأنه مرتبط بإحساسنا بالثراء، وهو رمز للمكانة الاجتماعية بما تمثله من شعور بالأمان والقوة والسلطة والقيمة والهيبة، ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن المال ليس كل شيء، وأن المشاعر والعلاقات الأسرية هي الأهم، فإنه على مستوى العقل يستطيع استيعاب ذلك لكن على مستوى الوجدان يبدو أن الأمر مختلف، ويقول أحد الخبراء إنه عندما يصيب فيروس المال عصب الحياة الزوجية، يمكننا أن نتوقع الكثير من المشكلات والأمراض. وعندما يقال عن انعدام التواصل وقلة الحوار بين الطرفين، فإن الخبراء ينظرون إلى ما وراء تلك الحالة، وكثيراً ما وجدوا أن وراءها المال والخلافات المتعلقة بالمصروف، والموقف من الادخار، وتسريب المال من أحد الطرفين إلى أشخاص يهمّونه من دون علم الطرف الآخر وموافقته، وخلافاً لمقولة إن الحب والمال لا يجتمعان، يقول الخبير فرانسيس قيثيني إن بالإمكان تدعيم الحب بالتوافق على المال وكيفية إدارته، وينصح الأزواج بالاتفاق على التفاصيل المالية منذ بداية زواجهم عندما يكون الحب متوهجاً وقوياً.