تراجع دور الأسرة تربوياً وهذا واقع لا شك فيه، وتراجع دور الإعلام تجاهها بفوضى الاعلام الفضائي، ومنها الترفيه المفرط والاهتمام بثقافة الطبخ اكثر من تقوية ثقافة الحياة والاخلاق والقيم، لذلك نتمنى على أهل الإعلام الفضائي العربي أن يلتفت أكثر الى الاسرة حتى يعيد لها دورها وتنتبه لرسالتها التي إذا صلحت صلح المجتمع والعكس صحيح. وما يحدث شاهد على ذلك من بث لغة التنافر والتناحر وغياب الحوار وتراجع الكلمة الطيبة من قاموس الإنسان والاسرة والمجتمع، ويؤسفنا أن تكون هذه لغة بعض الخطاب الإعلامي، والنتيجة خطيرة يا جماعة الخير في تزايد انفصام عرى الاسرة. تشير دراسة لوزارة التخطيط أن نسبة الطلاق ارتفعت في الأعوام الأخيرة بنسبة ملحوظة ومن ذلك ما سجلته المحاكم والمأذونون أنه تم 70 ألف عقد زواج ونحو 13 ألف صك طلاق خلال العام الماضي فقط، وهذا يعني 33 حالة طلاق يومياً في المملكة، مما يضع على كل ذي لب ومسؤولية الاسهام في العلاج وفق خطين متوازيين، أولهما نشر ثقافة المودة والرحمة والثانية توسيع جهود إصلاح ذات البين على المستوى الفردي والمؤسسي. مؤخراً أوصى ملتقى "القضايا الأسرية في المحاكم الشرعية - رؤية مستقبلية" بإنشاء مجلس أعلى للأسرة في المملكة من أجل توحيد الجهود وإيجاد مرجعية نظامية تستهدف الأسرة وأفرادها في المجتمع. وليتنا نشهد نتائج حقيقية عملية، فمجتمعنا بحاجة إلى إدارة جادة وخطط عمل لإنقاذ الاسرة من براثن العنف وعدوى الطلاق التي اصبحت سهلة سريعة بسبب شيطان النفس، بعكس ما كان في الماضي عندما كان الأهل والجيران وكل المجتمع حريصا على قدسية الرباط الزوجي وكان التدخل الحميد والإصلاح سريعا، بل كانت روح الاسرة هي ما يربى عليها الابناء والبنات فكان الطلاق أمرا جللا يجلب القلق والعتب والغضب على من يتجرأ به إلا عندما يكون آخر الدواء لأن ادوية الإصلاح بين الناس وكذلك بين الأزواج والزوجات حاضر وفاعل ولا يتأخر عنه أهل العقد والحل والوجهاء والمخلصون الذين يؤلمهم أن ينهدم بيتا على ما فيه بسبب الغضب والعناد فكانت المسؤولية تربوية أولاً ومن المجتمع ثانيا. أما اليوم فلا أحد يهمه أمر الأسر والتربية إلا من الاهتمام بما لذ وطاب من المأكل والملبس الذي تعج به أسواقنا ليل نهار، وللأسف كل ذلك لا يساوي شيئاً أمام رباط الاسرة والمودة والرحمة والصبر والمعاملة بالتي هي أحسن من أن الزواج يقصم الظهر هذه الايام ويؤذي المطلقات ويظلم الأبناء والبنات ناهيك عن معاناتهن مع النفقة والجري وراء القضايا ذهبا وإيابا إلى المحاكم وفي النفس ألما وغصة من هذا التهاون الذي يدمر البيوت. يا أهلنا يا مجتمعنا يا شبابنا اتقوا الله في انفسكم وأزواجكم وذرياتكم وأقول لوسائل الإعلام التي أصبحت في غرفنا رفقا ورحمة بالتربية وبالأسرة التي هي عماد مجتمعنا ومستقبله فاتقوا الله في الأجيال وقولوا كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. بقلم: مصطفى محمد كتوعة